اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 469
(465-515)

وغمرات تشتت الفكر، فيذكرك بوظائف انسانية كالحركة والنشاط والنظافة الدائمة بوضوئه وصلاته وتنظيفه وجهه وعينه، كما هو مشاهد.
وكذا النحل – وهي صنف من الذباب – تطعمك العسل الذي هو ألذّ غذاء والطفه، وهي الملهمة بالوحي الإلهي كما نص عليه القرآن الكريم، فعليك ان توليها حبك.
ان العداء للذباب لا معنى له، بل هو ظلم واجحاف بحق تلك الحيوانات التي تعاون الانسان وتسعى لصداقته وتتحمل أذاه، وانما يجوز مكافحة المضرة منها فحسب، وذلك دفعاً لأضرارها، كدفع ضرر الذئاب عن الاغنام.
فيا ترى أليس من المحتمل ان تكون البعوض والبرغوث المسلطين علينا حجامات فطرية، أي موظفات بمص الدم الفاسد الجاري في الاوردة وقت الحر وزيادة الدم اكثر من حاجة الجسم؟.. سبحان من تحير في صنعه العقول..
كنت يوماً في جدال مع نفسي، اذ اغترت بما انعم الله عليها، وتوهمت انها مالكة لها، وبدأت بالفخر والمدح.
فقلت لها: انك لاتملكين شيئاً بل هو أمانة. فتركت الغرور والفخر. ولكنها تكاسلت قائلة: لِمَ أَرعى ما ليس لي؟ وماذا عليّ لو ضاع؟.
وفجأة رأيت ذبابة وقفت على يدي وبدأت بتنظيف وجهها وعينها وجناحيها وهي امانات لديها تنظيفاً على اجمل ما يكون، مثلما ينظف الجندي سلاحه وملابسه التي سلمتها له الدولة، فقلت لنفسي: انظري الى هذه الذبابة، فنظرت وتعلمت منها درساً بليغاً. وهكذا اصبح الذباب استاذاً لنفسي الكسلانة.
ان فضلات الذباب لاضرر لها من حيث الطب، بل قد تكون شراباً حلواً (وغذاء لحشرات اخرى) اذ ليس من المستبعد عن الحكمة الإلهية، بل من شأنها ان تجعل من الذباب مكائن تصفية واجهزة

لايوجد صوت