سندع حالياً عنصر النور. ولمناسبة مسألتنا نحاول كشف الحجاب عما يستر عجائب الامر والارادة وغرائبهما في عنصر الهواء الذي يمثل عرش الامر والارادة بالنسبة الى كرة الارض. وذلك:
كما اننا نزرع الحروف والكلمات بالهواء الذي في افواهنا، واذا بها تتسنبل وتثمر، أي ان الكلمة تصبح حبة في آن واحد كأنه بلازمان وتتسنبل في الهواء الخارجي، هواءً حاوياً على مالايحد من الكلمة نفسها، صغيرها وكبيرها. كذلك ننظر الى عنصر الهواء فنرى انه مطيع ومنقاد لأمر (كن فيكون) ومسخر له الى حد عظيم حتى كأن كل ذرة من ذراته جندي لجيش منظم متأهب لتلقي الأمر في كل آن، ويُظهر الطاعة والامتثال للارادة المتجلية في أمر (كن) بلازمان، سواءً في ذلك أبعد الذرات وأقربها.
مثلاً: ان الخطاب الذي يلقيه انسان من الاذاعة يُسمع في كل مكان في الارض في الوقت نفسه وكأنه بلا زمان – بشرط وجود الراديوات – مما يبين مدى امتثال كل ذرة من ذرات الهواء لتجلي امر (كن فيكون) امتثالاً كاملاً.
فالأمر كذلك في الحروف التي هي غير مستقرة في الهواء، يمكن ان تصبح بكيفياتها القدسية مظاهر لتأثيرات خارجية ولخواص مادية كثيرة حسب سر الامتثال هذا. فتشاهد فيها خاصية، كأنها تقلب المعنويات الى ماديات وتحول الغيب الى شهادة.
وهكذا بمثل هذه الامارة، فان امارات اخرى لاتحد تظهر لنا ان الحروف التي هي موجودات هوائية، ولاسيما الحروف المقدسة القرآنية وبخاصة حروف الشفرات الإلهية وهي المقطعات التي في اوائل السور، تسمع الاوامر وتمتثلها امتثالاً في غاية الانتظام والشعور التام والحساسية الكاملة وبلا حاجة الى زمان. فلا شك ان هذا يحمل المرء على التسليم بالخواص المادية والمزايا الخارقة