اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 473
(465-515)

المروية للحروف التي في ذرات الهواء ومن حيث القدسية، والتي ينعكس فيها تجلي الارادة الازلية وجلوة من أمر (كن فيكون).
وهكذا فان تعابير القرآن الكريم التي تبين احياناً اثر القدرة كأنها صادرة من صفة الارادة وصفة الكلام مبني على هذا السر. فتلك التعابير القرآنية تدل على ان الموجودات تُخلق في منتهى السرعة ومسخرة ومنقادة انقياداً تاماً للاوامر حتى لكأن الأمر ينفذ حُكمه كالقدرة.
أي ان الحروف الآتية من الأمر التكويني تؤثر في وجود الاشياء وكأنها قوة مادية، ويظهر الامر التكويني كأنه القدرة نفسها والارادة نفسها. نعم ان هذه الموجودات الخفية التي وجودها المادي هوائي وهي في غاية الخفاء، حتى كأنها موجودات نصف معنوية ونصف مادية، تشاهد فيها آثار الامر والارادة بحيث يشبه الامر التكويني كالقدرة بعينها، بل القدرة نفسها.
وهكذا لأجل جلب الانظار والحث على التدبير في موجودات كأنها برزخ بين المعنويات والماديات يقول القرآن الكريم ﴿إنما أمرُه إذا أراد شَيئاً أنْ يقولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون﴾(يس:82). لذا فمن المعقول جداً ان تكون الحروف المقطعة التي في اوائل السور امثال: الم، طس، حم، وما شابهها من الشفرات الإلهية، عقداً وازراراً حرفية تستطيع ان تهزّ اوتار العلاقات الدقيقة الخفية بين ذرات الهواء بلا زمان، بل هذا من شأن تلك الحروف ومن وظائفها أن تؤدي مخابرات قدسية – كاللاسلكي المعنوي – من الارض الى العرش.
نعم ان كل ذرة بل كل ذرات الهواء المنتشرة في اقطار العالم تمتثل الاوامر وتنقلها عبر اللاسلكي والهاتف والبرقية، فضلاً عن نقلها سائر السيالات اللطيفة كالكهرباء. فلقد شاهدت بالحدس القطعي بل بالمشاهدة الحقة احدى وظائفها – مما سوى المذكورة – في ازاهير اللوز، وهي: ان الاشجار المنتشرة في اقطار الارض كأنها جيش

لايوجد صوت