كمن يتوضأ. اذاً لهذه الطائفة وظائف مهمة وجليلة بلاشك، الاّ ان نظر الحكمة البشرية وعلمها قاصر لم يحط بعدُ بتلك الوظائف.
نعم، ان الله سبحانه وتعالى قد خلق قسماً من الحيوانات مفترسة آكله للحوم، وكأنها موظفات صحيات ومأمورات للتنظيف تؤدي وظيفتها في غاية الاتقان، بتنظيفها وجه البحر وجمعها لجثث ملايين الحيوانات البحرية يومياً، وانقاذ وجه البحر من المناظر القذرة(1). فان لم توف هذه الحيوانات بوظيفتها الصحية حق الوفاء وعلى اجمل وجه لما تلألأ وجه البحر كالمرآة الساطعة، ولكان البحر يورث الكآبة والحزن.
وكذا فانه سبحانه قد خلق حيوانات مفترسة وطيوراً جارحة بمثابة مأمورات للنظافة والامور الصحية، تقوم بتنظيف وجه الارض يومياً من جثث مليارات من الحيوانات البرية والطيور وانقاذها من التعفن، وانقاذ ذوي الحياة من ذلك المنظر الكئيب الأليم. حيث تستطيع تلك الحيوانات ان تتحسس مواضع تلك الجثث الخفية والبعيدة من مسافة تبلغ حوالي ست ساعات، وذلك بسَوق من إلهام رباني، فتنطلق الى تلك المواضع وتزيل الجثث. فلولا هذه الموظفات الصحيات البرية وهي تؤدي وظائفها على افضل وجه لكان وجه الارض في حالة يرثى لها.
نعم، ان الرزق الحلال للحيوانات الوحشية المفترسة هو لحوم الحيوانات الميتة، وحرام عليها لحوم الحيوانات الحية، بل لها جزاء
----------------
(1) نعم، ان سمكة واحدة تضع الوفاً من البويضات، فتخرج منها الوفاً من الصغار واحياناً تخرج من مبيضها مليوناً من البويضات، فتكون مواليد الاسماك متناسبة مع وفياتها، كي يمكن ان تحافظ على التوازن في البحر. ومن ألطاف تجليات الرحمن الإلهية تتفاوت اجسام الوالدات تفاوتاً كبيراً من اجسام صغارها، فلا تستطيع ان تقود صغارها اينما ذهبت، حيث لا يمكنها الدخول في اماكن تدخلها صغار، فيولد الحكيم الرحيم سبحانه قائداً صغيراً من بين الصغيرات ويسخرها في وظيفة الوالدات. - المؤلف.