اللمعات | اللمعة الثامنة والعشرون | 513
(465-515)

ان حادثة الرسالة المحمدية، ونزول الوحي القرآني، لكونها حادثة جليلة، فان عالم السموات كله، بل حتى كل زاوية من زواياه متأهب، وقد صفت فيه الحراس، في تلك البروج العظيمة، من تلك السموات العالية الرفيعة والبعيدة بعداً عظيماً. ويقذفون من النجوم المجانيق، طرداً لجواسيس الشياطين ودفعاً بهم عن السموات.
فالآية الكريمة عندما تبرز المسألة هكذا برجم الشياطين بكثرة هائلة والقذف بالشهب ولاسيما في بداية الوحي في ذلك الوقت. تبين اشارة ربانية الى الاعلان عن درجة عظمة الوحي القرآني وشعشعة سلطانه، والى درجة أحقيته وصوابه والذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وهكذا يترجم القرآن الكريم ذلك الاعلان الكوني العظيم ويشير الى تلك الاشارات السماوية.
نعم! ان اظهار هذه الاشارات العظيمة السماوية، وابراز مبارزة الشياطين للملائكة، مع إمكان طرد جواسيس الشياطين بنفخ من مَلَك، انما هو لاظهار عظمة الوحي القرآني وعلوه ورفعه.
ثم ان هذا البيان القرآني المهيب، واظهار الحشود السماوية العظيمة، ليس تعبيراً عن أن للجن والشياطين قوة واقتداراً بحيث تسوق اهل السموات الى المبارزة والمدافعة معهم، بل هي اشارة الى أنه لادخل للشياطين والجن في أي موضع من مواضع هذا الطريق الطويل الممتد من قلب الرسول الاعظم y الى عالم السموات الى العرش الاعظم.
وبهذا يعبر القرآن الكريم عن ان الوحي القرآني حقيقة جليلة حقيق ان يكون موضع ذكر وبحث لدى الملأ الاعلى والملائكة كلهم في تلك السموات الهائلة، بحيث يضطر الشياطين الى الصعود الى السموات لينالوا شيئاً من اخبارها فيرجمون ولاينالون شيئاً.

لايوجد صوت