فَكمَا أنَّ غايَةَ كَمالِ السهُولَةِ في إيجَادِ الاَشيَاءِ أوقَعَتْ اهلَ الضلالَةِ في التِبَاسِ التشكيلِ بالتشَكلِ المُستَلزِمِ للِمُحَالاتِ الخُرَافيةِ التي تمُجها العُقُولُ، بَل تتنَفرُ عَنها الاَوهَامُ؛ كذلِكَ أثْبتتْ بِالقَطعِ وَالضَرُورَةِ لاَهلِ الحَقِّ وَالحَقيقَةِ تَساويَ السياراتِ مَعَ الذرَّاتِ بالنِسبَةِ إلى قُدْرَةِ خالِقِ الكائِناتِ.
جَلَّ جَلالُهُ وَعَظُمَ شأنُهُ وَلآ اِلهَ إلاّ هُوَ.
المرتبة السادسة(1)
جَلَّ جَلالُهُ وَعظُمَ شَأنُهُ اللهُ أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَىءِ قُدْرَةً وَعلمَاً، إذْ هُوُ العَادِلُ الحَكيمُ القَادِرُ العَليمُ الوَاحِدُ الاَحَدُ السلطَانُ الاَزَليُّ الذي هذِهِ العَوَالِمُ كُلهَا في تَصَرُّفِ قَبْضَتَىْ نِظامِهِ وَميزانِهِ وَتَنْظيمِهِ وَتوزيِنهِ وَعدلِهِ وَحكمَتهِ وَعلمِهِ وَقدرَتِهِ، وَمظهَرُ سرِّ وَاحدِيتِهِ وَأحَديتِهِ بالحَدْسِ الشهُوديِّ بلِ بِالمُشَاهَدَةِ. إذ لا خارِجَ في الكَونِ مِنْ دَائِرةِ النظَامِ وَالميزَانِ وَالتنظيمِ وَالتوزينِ؛ وَهمَا بابانِ مِنَ (الاِمامِ المُبينِ وَالكِتَابِ المُبينِ). وَهُما عُنوَانانِ لِعِلمِ العَليم الحَكيمِ وَأمْرِهِ وَقُدْرَةِ العَزيزِ الرَّحيمِ وَإرادَتِهِ. فَذلكَ النظامُ مَعَ ذلكَ المِيزَانِ، في ذلكَ الكِتَابِ مَعَ ذلكَ الاِمامِ بُرهَانانِ نيرانِ لِمَنْ لَهُ في رَأسِهِ إذعَانٌ، وفي وَجهِهِ العَينَانِ، أنْ لا شَىءَ مِنَ الاَشياءِ في الكَونِ وَالزَّمانِ يَخْرُجُ منْ قَبضَةِ تَصَرُّفِ رَحمنٍ، وتَنظيمِ حَنانٍ، وَتزيِينِ منانٍ، وَتوزينِ دَيانٍ.
الحَاصِلُ:
----------------
(1) لو كتبت هذه المرتبة السادسة كسائر المراتب لطالت جداً، لأن (الأمام المبين والكتاب المبين) لا يمكن بيانهما باختصار، وحيث اننا ذكرنا نبذة منهما في (الكلمة الثلاثين) فقد أجملنا هنا، الا اننا أسردنا بعض الايضاحات أثناء الدرس.- المؤلف.