اللمعات | اللمعة التاسعة والعشرون | 545
(516-573)

أنَّ تجَليَ الاِسمِ (الاَوَّلِ وَالاخِرِ) في الخَلاّقِيةِ، الناظِرَينِ إلى المَبدَأِ وَالمُنتَهى وَالاَصلِ وَالنَسلِ وَالمَاضي وَالمُستَقبلِ وَالاَمرِ وَالعِلمِ، مشيرانِ الى (الاِمامِ المُبينِ). وَتجَليَ الاِسم (الظاهِرِ وَالباطِنِ) عَلى الاَشيَاءِ في ضِمنِ الخَلاّقِيةِ يُشيرانِ الى (الكِتابِ المُبينِ).
فَالكَائِناتُ كَشَجَرَةٍ عَظيمَةٍ، وَكُلُّ عالَمٍ مِنها ايضاً كَالشجَرةِ. فنُمَثلُ شَجَرَةً جُزئِيةً لخِلقَةِ الكائِناتِ وَاَنواعِها وَعوالِمِها. وهَذِهِ الشجَرَةُ الجُزئِيةُ لها أصلٌ وَمبدَأٌ وَهُوَ النواةُ التي تَنُبتُ عَليهَا، وَكَذا لها نَسلٌ يُديمُ وَظيفَتها بَعد مَوتِها وَهُوَ النواةُ في ثَمَراتِها.
فَالَمبدَأُ وَالمُنتَهى مَظْهرَانِ لِتَجَلي الاِسمِ (الاَوَّلِ وَالآخِرِ). فَكأنَّ المَبدأ وَالنواةَ الاَصليةَ بِالانتِظامِ وَالحِكمَةِ، فهرِستَةٌ وَتعرِفةٌ مُرَكبَةٌ مِنْ مَجمُوعِ دَساتيرِ تَشكلِ الشجَرةِ. وَالنواتَاتُ في ثمَراتِها التي في نِهاياتِها مَظهَرٌ لتجَلي الاِسمِ الآخِر.
فتِلكَ النواتاتُ في الثمَراتِ بِكمَالِ الحِكمَةِ، كَأنَها صُنَيدِيقَاتٌ صَغيرَةٌ اُودِعَتْ فيها فِهرِستَةٌ وَتَعرِفَةٌ لتَشَكلِ ما يُشابِهُ تِلكَ الشَجَرةَ. وَكأنها كُتِبَ فيها بِقَلمِ القَدَرِ دَساتيرُ تَشكلِ شَجَراتٍ آتِيَةٍ.
وَظاهِرُ الشجَرَةِ مَظْهَرٌ لِتَجَلي الاِسمِ (الظاهِرِ). فَظَاهِرُها بِكَمالِ الاِنتِظامِ وَالتزيينِ وَالحِكمَةِ، كأنَها حُلةٌ منتَظَمَةٌ مُزَينَةٌ مُرَصعَةٌ قَد قُدَّتْ عَلى مِقدارِ قَامَتِها بِكَمالِ الحِكمَةِ وَالعِنَايَةِ.
وَباطِنُ تِلك الشجَرَةِ مَظهَرٌ لِتَجَلي الاِسمِ (البَاطِنِ). فبكَمالِ الانتِظامِ وَالتدبيرِ المُحَيرِ للِعُقُولِ، وَتوزيعِ مَوَادِّ الحَياةِ الى الاَعضاءِ المُختَلِفَةِ بِكَمالِ الانتِظامِ، كأنَّ باطِنَ تِلكَ الشجرَةِ ماكِينَةٌ خَارِقَةٌ في غَايَةِ الاِنتَظامِ وَالاِتزَانِ.
فَكَما أنَّ أوَّلها تعرِفَةٌ عجيبَةٌ، وآخِرَها فِهرِستَةٌ خارِقَةٌ تُشيرانِ الى (الاِمامِ المُبينِ)؛ كَذَلكَ إنَّ ظَاهِرَها كحُلةٍ عَجيبَةِ الصَنْعَةِ، وَباطِنَها كَمَاكينَةٍ في غَايَةِ الاِنتِظامِ، تُشيرَانِ الى (الكِتَابِ المُبينِ).
فَكما أنَّ القُوَّاتِ الحَافِظاتِ في الاِنسانِ تُشيرُ الى (اللوحِ المَحفُوظِ) وَتدُلُّ عَلَيهِ؛ كَذلِكَ إنَّ النوَاتاتِ الاَصليةَ وَالثمَراتِ تُشيرَانِ في كُلِّ شَجَرةٍ الى (الاِمامِ المُبينِ). وَالظاهِرُ وَالبَاطِنُ يَرمُزَانِ الى (الكِتَابِ المُبينِ). فَقِسْ

لايوجد صوت