اللمعات | اللمعة التاسعة والعشرون | 541
(516-573)

اللهُ أكبَرُ إذْ هُوَ الخَلاّقُ القَديرُ المُصَوِّرُ البَصيرُ الذي هذِهِ الأجَرامُ العُلويةُ والكَواكِبُ الدُّرِّيةُ نَيراتُ بَراهينِ اُلُوهيتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَشُعاعاتُ شَوَاهِدِ رُبُوبِيتِهِ وَعِزَّتِهِ؛ تَشْهَدُ وَتُنادي عَلى شَعْشَعَةِ سَلْطَنةِ رُبُوبِيتِهِ وَتُنَادي عَلى وُسْعْةِ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وعَلى حِشمَةِ عَظَمَةِ قُدْرَتِهِ. فَاسْتَمِعْ إلى آيةِ:
﴿اَفَلَمْ يَنْظُرُوا إلى السمآءِ فَوقَهُمْ كَيْفَ بنيْناهَا وَزَيناها..﴾(ق:6).
ثُمَّ انظُرْ الى وَجْهِ السمآءِ كيفَ تَرى سُكُوتاً في سُكُونة، حَرَكَةً في حكْمَةٍ، تَلألأ ً في حِشمَةٍ تَبَسماً في زِينَةٍ مَعَ انتَظامِ الخِلقَةِ مَعَ اتزَانِ الصنْعَةِ.
تَشَعْشُعُ سِراجِها لِتَبديلِ المَوَاسِمِ، تَهَلهُلُ مِصْباحِها لِتَنويِرِ المعَالَم، تَلألُؤُ نُجُومِها لِتَزيينِ العَوَالِم. تُعْلِنُ لاَهلِ النهَى سَلْطَنَةً بلا انتِهَاءٍ لِتَدبيرِ هذَا العَالَمِ.
فَذَلِكَ الخَلاّقُ القَديرُ عَليمٌ بِكُلِّ شَىءٍ، وَمُريدٌ بِإرادَةٍ شَامِلَةٍ ماشآءَ كانَ وَمَالَم يَشأ لَمُ يَكُنْ. وَهُوَ قَدِيرٌ عَلى كُلِّ شَىءٍ بِقُدْرَةٍ مُطْلَقَةٍ مُحيطةٍ ذاتِيةٍ. وَكَما لا يُمكِنُ ولا يُتَصوَّرُ وُجُودُ هذِه الشمسِ في هذا اليَومِ بِلا ضِياءٍ ولا حَرارةٍ؛ كذَلِكَ لا يُمَكِنُ ولا يُتَصوَّرُ وُجودُ إلهٍ خالِقٍ للِسمواتِ بِلا عِلْمٍ مُحيْطٍ، وبِلا قُدرَةٍ مُطلَقَةٍ. فَهُوَ بِالضَرورَةِ عَليمٌ بِكُلِّ شَىءٍ بِعلم مُحيطٍ لازم ذَاتيٍّ لِلذاتِ، يَلزَمُ تَعَلقُ ذلِكَ العِلمِ بِكُلِّ الاَشيَاءِ لا يُمكِنُ أنْ يَنْفَكَّ عَنْهُ شَىءٌ بِسِرِّ الحُضُورِ وَالشهُودِ وَالنفُوذِ وَالاحَاطَةِ النورانِيةِ.
فَما يُشَاهَدُ في جَميعِ المَوجُودَاتِ مِنَ الانْتِظامَاتِ المَوزُونَةِ، وَالاِتزَاناتِ المَنْظُومَةِ، وَالحِكَمِ العَامةِ، وَالعِنَايَاتِ التامةِ، وَالاَقْدَارِ المُنْتَظَمَةِ، وَالاَقْضِيَةِ المُثْمِرَةِ، وَالاَجالِ المُعَيَنَةِ، وَالاَرزَاقِ المُقَننةِ، وَالاتِقْاناتِ المُفَننةِ، وَالاِهتِمَامَاتِ المُزّينَةِ، وَغايَةِ كَمَالِ الاِمتِيازِ وَالاِتزانِ وَالاِنْتِظَامِ وَالاِتْقانِ، وَالسهُولَةِ المُطلَقَةِ شَاهِدَاتٌ عَلى إحَاطَةِ عِلمِ عَلاّمِ الغُيُوبِ بِكُلِّ شَىءٍ.

لايوجد صوت