اللمعات | اللمعة التاسعة والعشرون | 567
(516-573)

وَكَذا حَسْبِي مَنْ جَعلَنِي مِنْ اُمةِ حَبِيبِهِ مُحَمدٍ عَلَيْهِ الصلاَةُ وَالسلاَمُ، فَاَنْعَمَ عَلَيَّ بِمَا فِي الاِيمَانِ مِنْ المَحَبةِ وَالمَحْبُوبِيةِ الاِلهِيةِ، التِي هِيَ مِنْ اَعْلَى مَرَاتِبِ الكَمَالاتِ البَشَرِيةِ.. وَبِتِلْكَ المَحَبةِ الاِيمَانِيةِ تَمْتَدُّ أيادِي اِسْتِفَادَةِ المُؤْمِنِ اِلَى ما لاَ يَتناهى مِنْ مُشْتَمِلاَتِ دَائِرَةِ الاِمْكَانِ وَالوُجُوبِ.
وَكَذا حَسْبِي مَنْ فضلنِي جِنْساَ وَنوْعاً وَدِيناً وَاِيمَاناً عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مخْلوقاتِهِ، فلمْ يجْعَلنِي جامِداً وَلا حيَواناً وَلا ضَالاَّ. فلهُ الحَمْدُ وَلَهُ الشكْرُ.
وَكَذا حَسْبِي مَنْ جعَلنِي مظْهَراً جامِعاً لِتجَلياتِ اَسْمَائِهِ، وَاَنْعَمَ عَلَيَّ بِنِعْمَةٍ لا تسَعُهَا الكَائِنَاتُ بِسِرِّ حَدِيثِ (لا يسَعُنِي اَرْضِي وَلا سمَائِي وَيسَعُنِي قلبُ عبْدِيَ المُؤْمِنِ)(1) يعْنِي اَنَّ المَاهِيةِ الاِنْسَانِيةَ مظهَرٌ جَامِعٌ لِجَمِيعِ تجَليَاتِ الاَسْمَاءِ المُتَجَليَةِ فِي جَمِيعِ الكَائِنَاتِ.
وَكذا حَسْبِي مَنِ اشْترى ملْكَهُ الذِي عِنْدِي مِني لِيَحْفَظَهُ لِي، ثمَّ يُعِيدَهُ اِليَّ، وَاَعْطانا ثَمنهُ الجَنةَ. فَلهُ الشكْرُ وَلهُ الحَمْدُ بِعَدَدِ ضَرْبِ ذَرَّاتِ وُجُودِي فِي ذَرَّاتِ الكَائنَاتِ.
حَسْبِي رَبي جلَّ الله نُورْ مُحَمدْ صلَّى الله
لاَ اِلَهَ اِلاَّ الله
حَسْبِي رَبي جلَّ الله سِرُّ قلْبِي ذِكْرُ الله
ذِكْرُ اَحْمَدْ صلَّى الله
لاَ اِلهَ اِلاَّ الله
------------------

(1) الحديث (ما وسعني سمائي ولا ارضي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن). ذكره في الاحياء بلفظ مقارب قال العراقي في تخريجه: لم ار له أصلاً (كشف الخفاء للعجلوني 2/195 باختصار). وقال السيوطي في الدرر المنتثرة: قلت اخرج الامام احمد في الزهد عن وهب بن منبه: ان الله فتح السموات لحزقيل حتى نظر الى العرش فقال حزقيل: سبحانك ما اعظمك يارب ! فقال الله: ان السموات والارض ضعفن ان يسعنني ووسعني قلب المؤمن الوادع اللين اهـ. قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية: وذكر جماعةٍ له من الصوفية لا يريدون حقيقة ظاهره من الاتحاد والحلول لأن كلاً منهما كفر، وصالحو الصوفية اعرف الناس بالله وما يجب له وما يستحيل عليه، وانما يريدون بذلك ان قلب المؤمن يسع الايمان بالله ومحبته ومعرفته. اهـ. المترجم.

لايوجد صوت