اللمعات | اللمعة الثلاثون | 629
(574-671)

الأبدية؟؟ ولايستجيب لأعظم دعاءٍ وأهمّه وأعمّه، وهو دعاء البقاء والخلود؟ ولا يقبله بعدم انشائه الحياة الآخرة وايجاد الجنة؟ ولا يسمع دعاء هذا الانسان - وهو أسمى مخلوق في الكون بل هو سلطان الارض ونتيجتها - ذلك الدعاء العام القوي الصادر من الاعماق، والذي يهز العرش والفرش! فهل يمكن ان لا يهتم به اهتمامَه بدعاء المعدة الصغيرة ولا يُرضي هذا الانسان؟ ويعرّض حكمتَه الكاملة ورحمته المطلقة للانكار؟؟ كلا.. ثم كلا ألف ألف مرة كلا.
وهل يعقل ان يسمع اخفت صوت لأدنى جزء من الحياة فيستمع لشكواه ويسعفه، ويحلم عليه ويربيه بعناية كاملة ورعاية تامة وباهتمام بالغ مسخِّراً له أكبر مخلوقاته في الكون، ثم لا يسمع صوتاً عالياً كهزيم الرعد لأعظم حياة وأسماها وألطفها وأدومها؟ وهل يعقل: ألاّ يهتم بدعائه المهم جداً - وهو دعاء البقاء - وألاّ ينظر الى تضرعه ورجائه وتوسله؟ ويكون كَمَن يجهّز - بعناية كاملة - جندياً واحداً بالعتاد، ولايرعى الجيش الجرار الموالى له!! وكمن يرى الذرة ولايرى الشمس! أو كمن يسمع طنين البعوضة ولا يسمع رعود السماء! حاشَ لله مائة ألف مرة حاشَ لله.
وهل يقبل العقل - بوجه من الاوجه - ان القدير الحكيم ذا الرحمة الواسعة وذا المحبة الفائقة وذا الرأفة الشاملة والذي يحب صنعتَه كثيراً، ويحبّب نفسَه بها الى مخلوقاته وهو أشدّ حباً لمن يحبونه، فهل يعقل أن يُفْني حياة مَن هو أكثُر حباً له، وهو المحبوب، وأهلٌ للحب، والذي يعبد خالقَه فِطرةً؟ ويُفني كذلك لبَّ الحياة وجوهرها وهو الروح، بالموت الأبدي!! ويسبب جفوةً بينه وبين محبه ومحبوبه ويؤلمه أشد الايلام! فيجعل سر رحمته ونور محبته معرّضاً للأنكار! حاشَ لله الف مرة حاشَ لله...
فالجمال المطلق الذي زيّن بتجلّيه هذا الكون وجمّله، والرحمة المطلقة التي أبهجت المخلوقات قاطبة وزيّنتها، لابد أنهما منزّهتان ومقدستان بلا نهاية ولا حدّ عن هذه القساوة وعن هذا القبح المطلق

لايوجد صوت