اللمعات | اللمعة الثلاثون | 626
(574-671)

أما وجها الحياة الظاهر والباطن، المُلك والملكوت، فهما صافيان كاملان مبرّءان من النقص والتقصير، فمثلما لا يوجد فيهما مايستدعي الشكوى أو الاعتراض، فليس فيهما كذلك ماينافي عزة القدرة ونزاهتها من دَنَس مستهجَن أو قبح ظاهر؛ لذا فقد سُلِّم وجهاها مباشرةً الى اسم (المحيي) لذات الله الحي القيوم من دون إسدال أستار الاسباب وحُجُبها.
ومِثل الحياة؛ النور، وكذلك الوجود والايجاد.. وعليه نرى أن الايجاد والخَلق يتوجهان مباشرةً من دون حُجُب واستار الى قدرة الخالق سبحانه، بل حتى المطر - وهو نوع من الحياة ورحمة مهداة منه سبحانه - فلا يحكّمه قانون مطّرَد يحدد وقت نزوله؛ وذلك لئلا تُحرَم اكفّ الضراعة امام باب الرحمة من الرجاء والاسترحام وقت الحاجة؛ اذ لو كان المطر ينزل حسب قانون مطّرد - بمثل شروق الشمس وغروبها - لَمَا كان الخلقُ يتوسلون ويستغيثون كل حين استنزالاً لنعمة الحياة تلك.
الرمز الثالث:
لقد ذكر في الخاصية التاسعة والعشرين أن:
الحياة هي نتيجة الكائنات مثلما أن نتيجة الحياة هي:
الشكر والعبادة، فهما سبب خلق الكائنات وعلة غايتها، ونتيجتها المقصودة.
نعم، ان خالق الكون سبحانه (الحي القيوم) اذ يعرِّف نفسَه لذوي الحياة ويحبّبها اليهم بنِعَمه التي لاتعد ولاتحصى، يطلب منهم شكرَهم تجاه تلك النعم، ومحبَّتهم ازاء تلك المحبة، وثناءهم واستحسانهم مقابل بدائع صُنعه، وطاعتَهم وعبوديتهم تجاه اوامره الربانية.
فيكون الشكر والعبادة - حسب سرّ الربوبية هذا - اعظم غاية لجميع انواع الحياة، وبدورها يكون غاية الكون بأسره.. ومن هنا نرى ان القرآن الكريم يحث بحرارة ويسوق برفق وعذوبة الى الشكر

لايوجد صوت