اللمعات | اللمعة الثلاثون | 624
(574-671)

فاعلم من هذا: ان الذين يحصرون غاية هذه الحياة في: (عيشٍ برفاه، وتمتّع بغفلة، وتنعّم بهوى) انما يستخفّون - بجهل مستهجن قبيح - بهذه النعمة الغالية الكبرى، نعمة الحياة، وهدية الشعور، واحسان العقل، ويحقرونها وينكرونها بل يكفرون بها فيرتكبون كفراناً عظيماً واثماً مبيناً.
الرمز الثاني:
الحياة التي هي أعظم تجلٍٍّ لاسم الله (الحي) وألطف تجلٍ لاسم الله (المحيي) يحتاج في بيان مراتبها وصفاتها ووظائفها - المذكور فهرستُها في الرمز الاول - الى كتابة رسائل عدة بعدد تلك المزايا والخصائص. لذا سنشير إشارة مختصرة الى بضع منها محيلين تفاصيلها الى اجزاء رسائل النور، حيث بَيّنت قسماً من تلك الخصائص والمراتب والمهمات.
فلقد ذكر في الخاصية الثالثة والعشرين من الخصائص التسعة والعشرين للحياة:
أن وجْهَي الحياة صافيان، شفافان، رائقان. فلم تضع القدرة الربانية اسباباً ظاهرية لتصرفاتها فيها.
وسرّ هذه الخاصية هو ما يأتي:
ان كل شئ في الكون ينطوي على خير، وفيه جمالٌ وحُسن، أما الشر والقبح فهما جزئيان جداً، وهما بحُكم وحدتين قياسيتين، أي انهما وُجدا لإظهار ما في الخير وما في الجمال من مراتب كثيرة وحقائق عديدة؛ لذا يُعَدُّ الشر خيراً والقبح حُسناً من هذه الزاوية. اي من زاوية كونهما وسائل لإبراز المراتب والحقائق.
ولكن ما يبدو لذوي الشعور من مظاهر القبح والشر والبلاء والمصائب قد تدفعهم الى السخط والشكوى والامتعاض. فوُضعَت الاسبابُ الظاهرية ستاراً لتصرف القدرة الإلهية، لئلا تتوجه تلك الشكاوى الظالمة والسخط الباطل الى (الحي القيوم) جلّ وعلا.

لايوجد صوت