اللمعات | اللمعة الثلاثون | 645
(574-671)

الجهة الثانية
لأجل ان يكون أحدٌ فاعلاً لهذا الفعل الجزئي المتوجه الى خلقِ هذه النحلة الماثلة أمامنا، ينبغي ان يكون - الفاعل - عالماً بشروط حياة تلك النحلة وأجهزتها وعلاقاتها مع الكائنات الاخرى وكيفية ضمان حياتها ومعيشتها، فيلزم اذن ان يكون ذا حكم نافذ على الكون كله ليجعل ذلك الفعل كاملاً. أي ان أصغر فعلٍ جزئي يدل من جهتين على أنه يخصّ خالقَ كل شئ. ولكن اكثر ما يحيّر الانسان ويجلب انتباهه هو: ان الأزلية والسرمدية التي هي من أخص خصائص الألوهية وألزم صفةٍ للذات الأقدس المالك لأقوى مرتبة في الوجود وهو (الوجوب) وأثبت درجة في الوجود وهو (التجرد من المادة) وأبعد طور عن الزوال وهو (التنزه عن المكان) واسلم صفة من صفات الوجود وأقدسها عن التغير والعدم وهو (الوحدة).
أقول: ان الذي يحير الانسان ويثير قلقه، ويجلب انتباهه انما هو: منح صفة الأزلية والسرمدية الى الأثير والذرات وما شابهها من المواد المادية التي لها أضعف مرتبة من مراتب الوجود، وأدق درجة فيه، واكثر أطواره تغيراً وتحولاً، وأعمها انتشاراً في المكان، ولها الكثرة التي لا تحد.. فإسناد الأزلية الى هذه المواد وتصورها أزليةً، وتوهم نشوء قسم من الآثار الألهية منها، ما هو الاّ مجافاة وأي مجافاة للحقيقة وأمرٌ منافٍ أي منافاة للواقع، وبعيد كل البعد عن منطق العقل وباطل واضح البطلان وقد أثبتنا هذا في كثير من الرسائل ببراهين رصينة.
الشعاع الثاني: وهو مسألتان:
المسألة الاولى: قال تعالى:
﴿لا تأخذُهُ سِنةٌ ولا نَومٌ﴾(البقرة: 255)
﴿ما مِنْ دابةٍ الاّ هو آخذٌ بناصِيَتِها﴾(هود: 56)

لايوجد صوت