(طلسم الكائنات) و (لغز الخلق) فقلت - في نفسي -: (لماذا ياتُرى، تعرض هذه الأشياء نَفسَها وتُظهِرُها ثم لاتلبث أن تختفي وترحل مسرعةً؟).. انظر الى أجسامها وشخوصها فاذا كل منها منظم منسق قد اُلبس وجوداً على قدِّه وقدره بحكمةٍ واضحة وزُيّن بأجمل زينة وألطفها، واُرسل بشخصية ذات حكمة وجسم منسق ليُعرَض أمام المشاهدين في هذا المعرض الواسع.. ولكن ما أن تمر بضعة أيام - أو بضع دقائق - الاّ وتراه يتلاشى ويختفي من دون أن يترك فائدة أو نفعاً.!! فقلت: تُرى ما الحكمة من وراء هذا الظهور لنا لفترة قصيرة كهذه؟..
كنت في لهفة شديدة للوصول الى معرفة السر.. فادركني لطفُ الرب الجليل سبحانه.. فوجدت - في ذلك الوقت - حكمةً مهمة من حِكَم مجئ الموجودات - ولا سيما الأحياء - الى مدرسة الأرض، والحكمة هي: ان كل شئ - ولا سيما الأحياء - انما هي كلمة إلهية ورسالة ربانية وقصيدةٌ عصماء، واعلانٌ صريح في منتهى البلاغة والحكمة. فبعد ان يصبح ذلك الشئ موضع مطالعة جميع ذوي الشعور، ويفي بجميع معانيه لهم ويستنفد أغراضه، تتلاشى صورتهُ الجسدية وتختفي مادتُه تلك التي هي: بحكم لفظ الكلمة وحروفها،تاركة معانيها في الوجود. لقد كفتني معرفة هذه الحكمة طوال سنة.. ولكن بعد مضيها انكشفت أمامي المعجزات الدقيقة في المصنوعات والاتقان البديع فيها ولا سيما الأحياء. فتبيّن لي:
ان هذا الأتقان البديع جداً والدقيق جداً في جميع المصنوعات ليس لمجرد افادة المعنى أمام أنظار ذوي الشعور؛ اذ رغم ان ما لا يحد من ذوي الشعور يطالعون كلَّ موجود الاّ ان مطالعتهم - مهما كانت - فهي محدودة، فضلاً عن أنه لا يستطيع كل ذي شعور ان ينفذ الى دقائق الصنعة وابداعها في الكائن الحي ولا يقدر على اكتناه جميع أسرارها.
فأهم نتيجة اذاً في خلق الأحياء وأعظم غاية لفطرتها انما هي: