اللمعات | اللمعة الثلاثون | 649
(574-671)

عرضُ بدائع صنع (القيوم الأزلي) أمامَ نظره سبحانه، وابرازُ هدايا رحمته وآلائه العميمة التي وهبها للأحياء، أمام شهوده جل وعلا.. لقد منحتني هذه الغاية اطمئناناً كافياً وقناعة تامة لزمن مديد. وأدركت منها:
ان وجود دقائق الصنع وبدائع الخلق في كل موجود - ولا سيما الأحياء - بما يفوق الحد، انما هو لعرضها أمام (القيوم الأزلي) أي ان حكمة الخلق هي:
مشاهدة (القيوم الازلي) لبدائع خلقه بنفسه.. وهذه المشاهدة تستحق هذا البذل العميم وهذه الوفرة الهائلة في المخلوقات.
ولكن بعد مضي مدة.. رأيت أن دقائق الصنع والاتقان البديع في شخوص الموجودات وفي صورتها الظاهرة لاتدوم ولاتبقى، بل تتجدد بسرعة مذهلة، وتتبدل آناً بعد آن، وتتحول ضمن خلق مستمر متجدد وفعالية مطلقة.. فأخذتُ أوغل في التفكير مدة من الزمن.
وقلت: لابد ان حكمة هذه الخلاقية والفعالية عظيمةٌ عظمَ تلك الفعالية نفسها.. وعندها بدت الحكمتان السابقتان ناقصتين وقاصرتين عن الايفاء بالغرض. وبدأت أتحرى حكمة أخرى بلهفة عارمة، وابحث عنها باهتمام بالغ.. وبعد مدة - و لله الحمد والمنة - تراءت لي حكمةٌ عظيمة لاحد لعظمتها وغاية جليلة لامنتهى لجلالها، تراءت لي من خلال فيض نور القرآن الكريم ونبعت من سر القيومية..
فأدركت بها سراً إلهياً عظيماً في الخلق، ذلك الذي يطلق عليه (طلسم الكائنات) و (لغز المخلوقات)!
سنذكر في (الشعاع الثالث) هنا بضع نقاط من هذا السر ذكراً مجملاً حيث انه قد فصل تفصيلاً كافياً في (المكتوب الرابع والعشرين) من المكتوبات.
نعم! انظروا الى تجلي سر القيومية من هذه الزاوية وهي :
ان الله أخرج الموجودات من ظلمات العدم ووهب لها الوجود

لايوجد صوت