﴿لهُ مقاليدُ السّموات والارض﴾(الزمر: 63)
وأمثالها من الآيات التي تتضمن حقيقة عظمى تشير الى التجلي الأعظم لاسم الله (القيوم).. سنورد وجهاً واحداً من تلك الحقيقة، وهو الآتي:
ان قيام الأجرام السماوية في هذا الكون ودوامَها وبقاءها انما هو مشدود بسر القيومية، فلو صَرف سر القيومية وتجلّيه وجهَه - ولو لأقل من دقيقة - لتبعثرت تلك الأجرام التي تفوق ضخامة بعضها ضخامة الكرة الأرضية بألوف المرات ولإنتثرت ملايين الأجرام في فضاء غير متناهٍ ولإصطدم بعضُها ببعض ولَهَوت الى سحيق العدم.
لنوضح ذلك بمثال:
اننا مثلما نفهم قدرة قيومية مَن يُسيّر ألوف قصور ضخمة في السماء بدل الطائرات بمقدار ثبات تلك الكتل الهائلة التي في السماء ودوامها، وبمدى انتظام دورانها وانقيادها في جريها. نفهم أيضاً: تجلي الأسم الأعظم: (القيوم) من منح القيوم ذي الجلال قياماً وبقاءاً ودواماً - بسر القيومية - لأجرامٍ سماوية لا حدّ لها في أثير الفضاء الواسع، وجريانها في منتهى الإنقياد والنظام والتقدير، واسنادها وادامتها وابقائها دون عمد ولا سند، مع ان قسماً منها أكبر من الأرض ألوف المرات وقسماً منها ملايين المرات، فضلاً عن تسخير كل منها وتوظيفها في مهمة خاصة، وجعلها جميعاً كالجيش المهيب، منقادةً خاضعة خضوعاً تاماً للأوامر الصادرة ممن يملك أمر (كن فيكون). فكما ان ذلك يمكن ان يكون مثالاً قياسياً للتجلي الأعظم لاسم (القيوم) كذلك ذرات كل موجود - التي هي كالنجوم السابحة في الفضاء - فانها قائمةٌ ايضاً بسر القيومية، وتجد دوامَها وبقاءها بذلك السر.
نعم! ان بقاء ذرات جسم كل كائن حي دون ان تتبعثر وتجمّعها على هيئة معينة وتركيب معين وشكل معين حسب ما يناسب كل عضو من اعضائه، علاوةً على احتفاظها بكيانها وهيئتها أمام سيل العناصر الجارفة دون ان تتشتت، واستمرارها على نظامها المتقن..