اللمعات | اللمعة الثلاثون | 642
(574-671)

ان تجلياته سبحانه المتجلية في صفحات الكون وطبقات الموجودات هي الذات الأقدس نفسه، ففوض قسم من هؤلاء بعض آثار تجلياته سبحانه الى الطبيعة والاسباب، والحال انه قد ثبت ببراهين متعددة ناصعة وفي عديد من رسائل النور:
أن الطبيعة: ما هي الاّ صنعة الهية ولا تكون صانعاً، وهي كتاب رباني ولا تكون كاتباً، وهي نقشٌ بديع ومحال ان تكون نقّاشاً مُبدعاً، وهي كراسٌ ولا تكون واضعة القوانين وصاحبة الكراس، وهي قانونٌ ولا تكون قدرةً، وهي مسطرٌ ولا تكون مصدراً للوجود، وهي شئ منفعل ولا تكون الفاعل، وهي نظام ومحال ان تكون ناظماً، وهي شريعة فطرية وممتنع ان تكون شارعاً مشرّعاً.
ولو أفترض محالاً وأحيل خلقُ أصغر كائن حي الى الطبيعة، وقيل لها - فرضاً -: هيا أوجدي هذا الكائن - مثلاً - فينبغي للطبيعة عندئذٍ ان تهئ قوالبَ مادية ومكائن - بعدد أعضاء ذلك الكائن لكي تستطيع ان تؤدي ذلك العمل!! وقد أثبتنا محالية هذا الفرض في مواضع كثيرة من رسائل النور.
ثم ان قسماً من أهل الضلالة الذين يطلق عليهم (الماديون) يشعرون بالتجلي الأعظم للخلاقية الإلهية والقدرة الربانية في تحولات الذرات المنتظمة، ولكنهم يجهلون مصدر ذلك التجلي، ويعجزون عن ان يدركوا من أين تُدار تلك القوة العامة النابعة من تجلي القدرة الصمدانية.. فلأنهم يجهلون كل ذلك فقد شرعوا باسناد اثار الألوهية الى الذرات نفسها والى حركاتها عينها، فتوهموا أزلية المادة والقوة. فسبحان الله!! أفيمكن لإنسانٍ ان يتردى الى هذا الدرك السحيق من الجهالة والخرافة المحضة، فيسند الآثار البديعة للخالق البديع والأفعال الحكيمة للعليم البصير - وهو المتعال عن المكان والزمان - الى ذراتٍ مضطربة بتيارات المصادفات، جامدةٍ عمياء غير شاعرة، لاحول لها ولا قوة، والى حركاتها!.. أفيمكن ان يقرّ بهذا أحد؟. فمن كان له مسكةٌ من عقل لابد ان يحكم بان هذا جهلٌ ما بعده جهل، وخرافة ما بعدها خرافة.

لايوجد صوت