اللمعات | اللمعة الثلاثون | 641
(574-671)

ثم ان ذلك الجليل مع قيوميته ﴿لَيْسَ كَمثلِه شئٌ﴾ كما وصفه القرآن الكريم. أي لا نظير له ولا مثيل ولا شبيه ولا شريك: في ذاته.. في صفاته.. وفي أفعاله.
نعم، ان الذي يمسك الكون كله أن يزول في قبضة ربوبيته ويدير جميع شؤونه ويدبّر جميع أحواله وكيفياته بكمال الإنتظام ومنتهى التدبير وغاية الرعاية، وفي سهولة مطلقة كادارة قصر أو بيت محالٌ ان يكون له مثلٌ او مِثيلٌ أو شريك أو شبيه.
نعم، ان مَن كان خلق النجوم سهلاً عليه وهيناً كخلق الذرات.. ويسخّر أعظم شئ في الوجود كأصغره ضمن قدرته المطلقة.. ولا يمنع شئ شيئاً عنه، ولا فعلٌ فعلاً، فالأفراد غير المحدودين نصبَ نظره كالفرد الواحد، والأصوات جميعُها يسمعها معاً، ويوفي حاجات الكل في آن واحد ودفعةٍ واحدة، ولا يخرج شئ مهما كان، ولا حالةٌ مهما كانت من دائرة مشيئته ونطاق ارادته - بشهادة الأنظمة والموازين الجارية في الكون - وكما انه لا يحدّه مكانٌ فهو بقدرته وبعلمهِ حاضرٌ في كل مكان، وكما ان كل شئ بعيدٌ عنه بُعداً مطلقاً، فهو أقرب اليه من أيّ شئ.. فهذا (الحي القيوم) ذو الجلال، لابد أنه ﴿لَيْسَ كَمثلِه شئٌ﴾ فلا نظير له ولاشريك ولاوزير ولاضد ولاندّ. بل محال في حقه كل ذلك. اما شؤونُه المنزّهة الحكيمة، فيمكن ان يُنظَر اليها بمنظار المَثَل والتمثيل (وجميع أنواع الأمثال والتمثيلات والتشبيهات الواردة في رسائل النور انما هي من هذا النوع من المثل والتمثيل).
فهذا الذات الأقدس الذي لا مثيل له، وهو الواجب الوجود، والمجرّد عن المادة المنزّه عن المكان، المحال عليه التجزؤ والانقسام، والممتنع عليه التغيّر والتبدل، والذي لا يمكن أن يُتصورَ عجزه واحتياجه ابداً، هذا الذات الأقدس قد أعطى قسمٌ من أهل الضلالة احكامَ ألوهيته العظيمة الى بعضِ مخلوقاته، وذلك بتوهمهم

لايوجد صوت