ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 145
(80-146)

المضرة، حتى صارت الحاجات الغير الضرورية ضرورية، فَلَبست الحاجاتُ الكاذبة صورةَ الرزق. فهذا الرزق غير متكفَّل بالآية. ومَن تأمل في الباذنجانات التي هي اسماكُ البر وفي الاسماك التي هي باذنجانات البحر كيف اسَمَنتها القدرة الفاطرة؛ اذ كلها سمينة - ما فيها هزيلة - يأتيها رزقُها رغداً من حيث لاتحتسب.. عَلِم ان الوسوسة في الرزق واتهام الرزاق، من البلاهة.
نكتة
اعلم! ان المصائب التي تصيب المعصوم من الحيوان والانسان، يجوز ان يكون لها اسبابٌ تدقّ عن فهم البشر؛ مثلاً: ان الشريعة الفطرية التي هي دساتير المشيئة، لاتنظر الى العقل حتى يَسقط التكليفُ بها عند عدم العقل، بل تنظرُ الى القلب والحس، بل والاستعداد ايضاً، فتجازي على أفاعيلها.. وقد نشاهد الحيوان كاملاً في حس النفس، والصبي بالغاً في حس القلب، بل حس طفلك، اكمل من عقلك واشد تيقظاً؛ اذ تظلِمُ يتيماً بالضرب ولايمنعك عقلُك، وصبيُك الناظر اليك يُبكيه حسُّ شفقته.. لو كان هو لانزجر.
فاذ كان هذا هكذا؛ فالصبي الذي يمزّق للتهوس والتلهي نحلةً مسكينة، ولم يسمع نهي حسّ شفقته الحساسة، فاصيب بأن انكسر رأسه.. استحقَّ.
مثلا: ان النمرة تحس في نفسها على شبلها شفقةً شديدة ومع رفيقها حس حماية، فلا يمنعها هذان الحسّان من تمزيق الظبية المسكينة.. فمزّقتها، ثم اصيبت هي ببندقة(1) الصياد مثلا، أفلا تكون مستحقة؟ اذ رزقها الحلال امواتُ الحيوانات لااحياؤها! على ان هذا مبنيّ على توهم مالكية الحيوانات لأنفسها، والحق ان هذا باطل كما مرّ سابقاً. وان المالك الحقيقي هو مالك الملك ذو الجلال والاكرام

-----------------

(1) البندق : كل ما يرمي به رصاص كروي وغيره ، ومنه البندقية المعروفة.

لايوجد صوت