ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 142
(80-146)

وفي الوجه الثاني: لاتموت اللذة الموقتة ليبقى روحُها، بل تنطفئ ويبقى دخانُها. والمصيبة يخمد دخانها ويبقى نورها، ودخانُ اللذة زوالها واثمها.
واذا نُظرَ بنور الايمان الى اللذائذ المشروعة في الدنيا والنِعَم في الآخرة، يرى فيها حركة دورية ووضعية تتعاقب فيها الامثالُ، فلا تنطفئ الماهية، وانما يحصل الفراقُ والافتراق عن التشخصات الجزئية. فلهذا لاينغَّص - بألم الزوال والفراق - اللذائذُ الايمانية بخلاف الوجه الثاني. فان لكلّ لذةٍ زوالاً، وزوالُها ألَمٌ، بل تَصورُ الزوالِ ايضاً ألمٌ؛ اذ في الوجه الثاني، ليست الحركة دوريةً بل حركةٌ مستقيمة، ففيها اللذة محكومة بالموت الابدي..

نقطة
اعلم: ان التعلق بالاسباب سببُ الذلّة والاهانة. ألا ترى ان الكلب قد اشتهر بعَشرِ صفاتٍ حسنة، حتى صارت صداقتهُ ووفاؤه تُضربُ بهما الامثال؟! .. فمن شأنه ان يكون بين الناس مباركاً. ففضلاً من المباركية ينزل على رأس المسكين من طرف الانسان ضربةُ الاهانة بالتنجيس؛ مع ان الدجاجة والبقر حتى السنّور، الذين ليس فيهم حسّ شكرانٍ وصداقةٍ في مقابلة احسانِ البشر، يُشرَّفون بين الناس بالمباركية. اقول - بشرط ان لاينكسر قلب الكلب ولايصير غيبةً - إن سببه: أن الكلب بسبب مرض الحرص اهتم بالسبب الظاهري، بدرجةٍ أغفَلته بجهةٍ عن المُنعمِ الحقيقي، فتوهَّم الواسطة مؤثرةً. فذاق جزاءَ غفلته بالتنجيس، فَتَطهّر.. وأكل ضربَ الاهانة كفارةً للغفلة، فانتَبه!. اما سائر الحيوانات المباركة فلا يعرفون الوسائط ولا يقيمون لها وزناً، او يقيمون لها وزناً خفيفاً. مثلاً: ان السنّور يتضرع حتى يأخذ الاحسان، فاذا اخذ فكأنه لايعرفك ولاتعرفه. ولايحس في نفسه شكراناً

لايوجد صوت