سعيد النورسي
الحمد لله والصلاة على نبيه
فهذا الأثر: على اربعة ابواب وخاتمة ومقدمة.
المقدمة
اعلم! اني حصلتُ في اربعين سنة في سفر العمر، وثلاثين سنة في سير العلم: اربع كلمات، واربع جمل. سيجئ تفصيلها. اشير هنا الى الاجمال..
اما الكلمة فهي:
المعنى الحرفي، والمعنى الاسمي،(1) والنية، والنظر.
اعني: ان النظر الى ما سواه تعالى، لابد ان يكون بالمعنى الحرفي وبحسابه تعالى، وان النظر الى الكائنات بالمعنى الاسمي اي بحساب الاسباب خطأ. ففي كل شئ وجهان: وجهٌ الى الحق، ووجه الى الكون. فالتوجه الى الوجه الكوني لابد ان يكون حرفياً وعنواناً للمعنى الاسمي الذي هو جهة نسبته اليه تعالى. مثلا: لابد أن يُرى النعمةُ مرآةً للانعام، والوسائطُ والاسبابُ مرايا لتصرف القدرة..
وكذا، ان النظر، والنيّة يغيرّان ماهيات الاشياء، فيقلبان السيئات حسناتٍ. كما يقلب الاكسيرُ الترابَ ذهباً، كذلك تقلب النيةُ الحركات العادية عباداتٍ. والنظر يقلب علومَ الاكوان معارفَ إلهية.. فان نُظر
-------------------------
(1) سيرد شرح هذين المصطلحين في ثنايا الكتاب فالحرف يعرف في النحو: مادلّ على معنى في غيره، اما الاسم فيعرف : مادلّ على معنى في نفسه غير مقترن بزمان.
والمقصود ان النظرة القرآنية الى الموجودات تجعلها بمثابة حروف تعبّر عن معنى تجليات الاسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم سبحانه.