ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثالثة | 315
(314-321)

ونوّر عيونه بهذه المصابيح المتبسّمة وحسّنه بانواع المحاسن المتلألئة، وادمج في كل نقش بكمال الوضوح تودداً وتعرفاً وتحبباً، لا يخليه من انظار مشتاقين متحيرين متفكرين منجذبين عارفين بقيمة كل؛ فلجامعيةالانسان صار الانسان الكامل سبب خلق الافلاك علة غائية له وثمرة له..
اعلم! ان من كمال السعادة واللذة الحقيقية، ترك كل شئ حتى الوجود لاجل انه جل شأنه هو هو، ولاجل انه واجب الوجود، ولاجل انه الكامل المطلق، ولاجل انه ذو الجلال والجمال المطلق، فليكن له فداء كل شئ لي، وكلي والكل وكل شئ.
اعلم! ان التوافق بين الاشياء كما يدل على ان الصانع واحد احد، كذلك ان التخالف المنتظم بينها، يدل على ان الصانع مختارٌ حكيم. مثلا: توافق افراد الانسان بل الحيوان في اساسات الاعضاء. لاسيما التماثل في الاعضاء المثناة في الشخص برهان باهر على وحدة الخالق، وتخالفها في التعينات والصور المتقنة آية نيّرة على اختيار الخالق وحكمته.
اعلم! ان اظلم الخلق الانسانُ. فانظر ما اشدّه ظلماً ! فلشدة حبه لنفسه لا يعطي الاشياء قيمة الا بمقدار خدمتها لنفسه، وينظر الى ثمرتها بمقياس نفعها للانسان، ويظن العلّة الغائية في الحياة عين الحياة. كلا، ان للخالق في كل حي حِكَماً تدق عن العقول. لِمَ لا يجوز ان يكون هذه الحيوانات القصيرة الاعمار والحوينات السريعة الزوال مبادي ومساطر ومصادر واساسات ونواتات لغرائب مثالية وبرزخية وملكوتية وتجليات سيالة وترشحات وثمرات لتصرفات القدرة في الغيب؟..

.. .. .. .. (1)

----------------------

(1) في (ط1) : اعلم : ان البصر كما ينحصر عنده المعلوم - بل الموجود - في المبصر ، كذلك النفس الامارة اذا لم تر شيئاً تنكر وجوده ، ولو كان من أبده البديهيات.

لايوجد صوت