ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | شمة | 323
(322-332)

في (ط1)
افادة المرام
اعلم! ايها الناظر! اني اسمع من الناس شكاية عن الغموض في آثاري، فاستمع مني ثمانية كلام:
فاولاً: لا تعجل لعتابي لأجل الاشكالات، اذ مخاطبي نفسي الدساسة، وهي تفهم بسرعة أجوبة أسئلتها المخطئة ولو بالرمز.
وثانياً: ان كل مسألة افتتحت بـ(اعلم) سلاح قاطع، ودواء نافعٍ، أُعطيته من حيث لم احتسب، في وقت شدة احتياجي وكثرة جروحي. فليس لي في الكتاب مال الاّ ماليس في الكتاب من الألم والجرح والداء المستتر في الضمير. واما المذكور في الكتاب من الدواء والسلاح وذوق الحق، فليس منى، ولا مما
مضغه فكري، بل من فيض القرآن الكريم.
وثالثاً: اني لا ابالي بتنقيد الناس؛ اذ لله الحمد اني لا اعرف الآن لنفسي غير القصور والعجز وما تستحق من الذم. فاذا اردتُ التمدح والافتخار بأثرى لا أرى الاّ ما اخجل به وافتضح، الاّ ان الله ستّار العيوب. فكما لا قيمة لنفسي، حتى ابتهج متصنعاً بما يُظن محاسن وهي في الحقيقة مساوئ،كذلك لا اقيم لنفس غيري المتكدرة بالأنانية ايضاً وزناً، حتى اتصنع له بالرياء الكلامي والتصلف في العبارة. الاّ انه يليق ان تلبس الحقايق ما يليق بها.. ولكن هيهات انا عاجز وأعجمي وخام لا اطيق ان انسج غير ما ترونه من اساليبي المشوشة، فاعترف وانادي بأعلى صوتي: باني عاجز، قاصر في الافهام. لكن اقول تحديثاً بالنعمة واداء للامانة بأني لا أخدعكم، انما اكتب ما اشاهد أو أتيقن عين اليقين أو علم اليقين.
ورابعاً: لا تحسبن ان ما اكتبه شئ مضغته الافكار والعقول. كلا! بل فيض أفيض على روحٍ مجروح وقلب مقروح، بالاستمداد من القرآن الكريم، ولا تظنه ايضاً شيئاً سيالاً تذوقه القلوب وهو يزول. كلا! بل أنوارٌ من حقائق ثابتة انعكست على عقلٍ عليلٍ وقلبٍ مريضٍ ونفسٍ عمي.
وخامساً: اني ما أدري كيف صار عقلي ممزوجاً بقلبي، فصرت خارجاً عن طريق اهل العقل من علماء السلف وعن سبيل اهل القلب من الصالحين، فان وافقتهما (فبها ونعمت) وان خالفتُ في كلامي ايَّ السبيلين منهما فهو مردود عليّ.
وسادساً: لاتطلب في آثاري انتظاماً وانسجاماً ووضوحاً، لانها تقيّد وتلخّص مشاهداتي في تحولات غريبة ومجربات نفسية مختلفة، مع امور اخرى، لو اطلعتَ عليها لعزّرتني.
وسابعاً: لا تقل: اذا لم ادرِ الكلِّ، لا اريد الكل.. فاذا كنت في بستان اتترك كل الثمرات ان لم تأكل كلها

--------------------------

وثامناً: ان ما يصادفك في المسائل من صورة البرهان والاستدلال ليس برهاناً

لايوجد صوت