ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثانية | 326
(324-331)

اعلم! ان مفتاح العالم في يد الانسان وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب منغلقة(2)، فالحق سبحانه اودع من جهة الامانة(3) في الانسان مفتاحاً يفتح به كل ابواب العالم، وطلسماً يفتح به كنز خلاّق الكون. والمفتاحُ ما فيك من (انا) . الا ان (انا) أيضاً معمّى مغلق، ومُطلسَم منغلق، فاذا فتحتَ (انا) بمعرفةِ ماهيته الموهومة انفتح لك الكائنات.
نعم، ان الله جلّ جلاله اعطى ليد الانسان (انا) ليصيِّره واحداً قياسياً - بالفرض والتوهّم لا بالعلم والتحقق - لفهم اوصاف الربوبية.
فالانسان اذا عرف (انا) ما هو ؛ بأن رآه شعرةً شعورية في حبل وجود الانسان، وخيطاً رقيقاً في ثوب ماهية البشر، والفاً في كتاب الشخص؛ له وجهان: وجه الى الخير، فبه قابل للفيض فقط لا فاعل. ووجه الى الشر والعدم وبه فاعل، وماهيته موهومة، وربوبيته مخيلة، ووجوده اضعف من ان يتحمل شيئاً بالذات.. بل انما هو كميزان الحرارة وامثاله من الموازين التى يعرف بها مقادير الاشياء. فـ (أنا) ايضا ميزان يعرف به الصفات المحيطة المطلقة للواجب الوجود.. وأذعنَ(1) دخل تحت ﴿قَدْ افْلَحَ مَنْ زَكّيهَا﴾(الشمس:9) وأدى الامانة بحقها.
فاذا تأمّلت في (أنا) بالمعنى الحرفي، صار لك عيناً تفهّمت ورأيت به كل ما في الكون، لانه اذا جاءت المعلومات الآفاقية صادفتْ في (أنا) ما يصدقها. فاذا فهمتها انتهت وظيفة (أنا) وربوبيته الموهومة ومالكيته المفروضة. فليرجع (انا) من السّمكتية الى الحبابية(2).. واما اذا نظرت الى (أنا) بالمعنى الاسمى واعتقدته مالكاً،

------------------

(2) اي: مع انهامفتحة الابواب ظاهرا الاّ انها منغلقة حقيقة.
(3) اشارة الى الآية الكريمة ﴿إنّا عرضنا الامانة..﴾.
(1) اي: عرف الانسان كل ماذكر عن ماهية (أنا ) ثم اذعن..
(2) من الوجود الحقيقي الى الوجود الموهوم.

لايوجد صوت