ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | القطعة الثانية | 328
(324-331)

غصن (القوة الغضبية) اثمرت على رؤوس البشر نمارد وفراعين.. ومن (القوة العقلية) اثمرت في عقول البشر الدهريين والماديين، وفلاسفة يعطون للواجب واحداً، ويقسمون سائر ملكه على غيره تعالى.. وان (أنا) في ذاته كأنه كان هواء وبخاراً، لكن بسبب شؤم نظرهم تميّع، ثم بالاُلفة تصلب، ثم بالغفلة تجمّد، ثم بالعصيان تكدر فاستغلظ حتى ابتلع صاحبه. وتوسع بافكار النوع، ثم قاسَ الناسَ والاسبابَ على نفسه فصار مبارزاً لاوامر خالقه. فمن هنا اضطر بعض الفلاسفة الى تأثير الاسباب(1)، وايجاد الطبيعة، والتصادف، ونفي الحشر، وقدم الارواح وامثالها من ضلالاتهم ﴿قاتلهُمُ الله انَّى يُؤفكون﴾(التوبة:30) اختطفتهم الشياطين بمنقار (أنا) وانابيبه ومخاليبه.
فأنا في العالم الصغير كالطبيعة في العالم الكبير، كلاهما من الطواغيت. ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ وَيُؤمِنْ بالله فَقَد اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ اْلوُثقى لا انفِصامَ لَهَا والله سَميعٌ عليم﴾(البقرة:256).
اعلم! ان حياة الحسنات بالنية، وفسادها بالرؤية والرياء والاراءة. وعرق الوجدانيات المشعورة بالذات تنقطع بالنية وبشعور ثانوي(1)، كما ان النية حياة الاعمال، كذلك النية موت الاحوال بجهةٍ(2)..
مثلا: نية المتواضع تفسده، ونيّة التكبر تزيله، ونيّة الفرح تطيره، ونيّة الغم تهوّنه وقس(3).

------------------------

(1) اي الى الاعتقاد بتأثير الاسباب.
(1) ان اساس الوجدانيات التي تستشعر بالذات شعوراً فطرياً ، ينقطع بشعور ثانٍ ونية (ت: 183).
(2) المقصود الاحوال الفطرية (ت: 183).
(3) اي ان نية التواضع بتصنع وبشعور ثانوي تفسد التواضع الفطري، وكذا نية التكبر بشعور ثانوي تزيل عزة النفس والوقار الفطري.

لايوجد صوت