والخسوف، وكما تصلى صلاة المغرب عند غروب الشمس، كذلك انحباس المطر والجفاف هو وقت صلاة الاستسقاء ودعاؤه.
من المعلوم ان سبب العبادة والدعاء هو الامر الالهى، ونتيجتها رضاه تعالى، وفوائدها اخروية. فلو قُصدت من الصلاة والعبادة مقاصد دنيوية، وادّيت لاجلها فحسب فلا تقبل تلك الصلاة والعبادة. اذ كما لا تؤدى صلاة المغرب لاجل غروب الشمس ولا صلاة الخسوف لاجل انكشاف القمر، كذلك اداء صلاة الاستسقاء لأجل انزال المطر خطأ، اذ انزاله من امر الله، وواجبنا نحن تجاهه سبحانه العبودية والدعاء من دون التدخل بما هو موكول امره اليه تعالى.
ولكن على الرغم من ان النتيجة الظاهرة لصلاة الاستسقاء هي نزول المطر، فان نتيجتها الحقيقية والاصلية والنافعة وثمراتها الجميلة الطيبة هي:
ادراك الجميع ان الذي يربّيه ويغذّيه ليس والديه ولا محله ولا دكانه، بل من يرسل السحاب الثقال بالماء الثجاج، فهو الذي يرسل اليه الرزق. وحتى الطفل الصغير يدرك هذا المعنى الواسع بعقله الصغير، لما هو معتاد عليه من التوسل والرجاء كلما جاع. فالمعنى الذى ينطوي عليه الاستسقاء هو: ان الذى يدبّر أمر الدنيا الهائلة كدار صغيرة ويغذيني والاطفال جميعاً واهل الدار، ويبعث اليهم رزقهم انما هو سبحانه. فلا نفع من غيره إن لم يرزق هو سبحانه. فما علينا الاّ أن نتوسل اليه وحده.. وبهذا يقوى ايمان المرء.
ولهذه المناسبة ستُبين ست نقاط باختصار:
النقطة الاولى:
ان ثمن النعمة الالهية ورحمتها هو الشكر، ولكننا لم نؤد الشكر حقه. وكما لم نؤد ثمن الرحمة بالشكر جلبنا الغضب الالهي بظلمنا وعصياننا. وقد جعلت البشرية نفسها مستحقة للعقاب بما تقترف من ظلم ودمار وكفر وعصيان، وعوقبتْ من جراء ذلك بشتى انواع العقاب الصارم، فلا جرم ان يكون لنا حظ من ذلك العقاب.
النقطة الثانية:
ورد في حديث شريف ما معناه انه حتى الاسماك في جوف البحر تشتكي الى الله من الظالمين والعاصين بانقطاع المطر، وقلة ارزاقها بسبب ظلمهم..
نعم ان المظالم والذنوب التي ترتكب في هذا الزمان لا تدع مجالاً لطلب الرحمة من الله. وحتى الحيوانات الابرياء تتأذى من جرائها.