ملحق أميرداغ -1 | المكتوب السابع والعشرون | 14
(1-85)

"جواب اضطررت الى كتابته عن سؤال -مادي ومعنوي- ورد من عدة جهات"
سؤال:
لِمَ لا تكوّن علاقة ولا تمد وشائج ارتباط مع التيارات الجارية داخل البلاد وخارجها، ولا سيما مع الجماعات ذات الاهتمامات السياسية، بل ترفض ذلك وتمنع - ما وسعك - طلاب النور عن أي تماسٍ كان بتلك التيارات! والحال انك لو كونت علاقة معهم فان الوف الناس سيدخلون دائرة رسائل النور زرافات ووحداناً وسيسعون لنشر حقائقها الساطعة، فضلاً عن انك لا تكون هدفاً الى هذا الحد للمضايقات الشديدة التي لا مبرر لها؟
الجواب: ان أهم سبب لهذا الاجتناب وعدم الاهتمام بالتيارات الجارية، هو الاخلاص؛ الذي هو أساس مسلكنا، فالاخلاص هو الذي يمنعنا عن ذلك، لأن في زمن الغفلة هذا، ولاسيما من يحمل افكاراً موالية الى جهة معينة، يحاول ان يجعل كل شئ اداة طيعة لمسلكه، بل يجعل حتى دينه واعماله الأخروية وسائل لذلك المسلك الدنيوي. بينما الحقائق الايمانية والخدمة النورية المقدسة تأبى ان تكون وسيلة لأي شئ كان في الكون، ولا يمكن ان تكون لها غاية الاّ رضى الله سبحانه.
وفي الحقيقة، انه من الصعوبة بمكان، الحفاظ على سر الاخلاص في خضم الصراعات المتنافرة للتيارات الحالية، ومن العسير الحيلولة دون جعل الدين وسيلة لمكاسب دنيوية، لذا فان أفضل علاج لهذا هو الاستناد الى العناية الالهية وتفويض الأمر الى توفيق رب العالمين بدلاً من الاستناد الى قوة التيارات الحالية.
وهناك سبب آخر - من جملة الاسباب الداعية لاجتنابنا هذا هو "الشفقة" - التي هي أساس من الأسس الاربعة لرسائل النور - اى عدم التلوث بظلم الآخرين واضرارهم.
اذ الانسان - بمضمون الاية الكريمة ﴿ان الانسان لظلوم كفار﴾(ابراهيم:34) يرد معاملة المقابل له في هذا العصر بلا رحمة وبظلم شنيع مخالفاً بذلك الآية الكريمة:﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾(فاطر: 18) التي هي دستور الارادة الالهية. حيث تتغلب عليه العاطفة والانحياز الى جهة، وعندها لا يقصر عداءه على المجرم وحده ولا يأخذ بجريرته جميع اقاربه وحدهم، بل أيضاً يعاقب كل مَن له صلة بالمجرم من قريب أو بعيد، حتى انه اذا ما كان له سلطة أو حكم، يبيد قرية كاملة

لايوجد صوت