الانسان بالظن الغالب. اما البرهان الحقيقي - كما هو في المنطق - فلا ينظر الى مكانة الشخص القائل وانما الى الدليل الذي لا يُجرح.
فجميع حجج رسائل النور هي من هذا القسم، اي من "البرهان اليقيني" لأن ما يراه اهل الولاية من الحقائق بالعمل وبالعبادة وبالسلوك وبالرياضة الروحية، وما يشاهدونه من حقائق الايمان وراء الحجب، فان رسائل النور تشاهدها مثلهم ايضاً، إذ شقت طريقاً الى الحقيقة في موضع العبادة ضمن العلم، وفتحت سبيلاً الى حقيقة الحقائق في موضع السلوك والاوراد ضمن براهين منطقية وحجج علمية، وكشفت طريقاً مباشراً الى الولاية الكبرى في موضع علم التصوف والطريقة ضمن علم الكلام وعلم العقيدة واصول الدين؛ بحيث انتصرت على الضلالات الفلسفية التي تغلبت على تيار الحقيقة والطريقة في هذا العصر. والشاهد هو الواقع.
وكما ان حقيقة القرآن -التي هي في منتهى القوة وسداد المنطق- قد نجّت سائر الأديان، من صولة الفلسفة الطبيعية وتغلبها عليها. وأصبح القرآن نقطة استناد لتلك الاديان حتى حافظت -الى حدٍّ ما- على اصولها التقليدية والخارجة عن العقل. فرسائل النور كذلك -ولا مشاحة في الامثال- وهي معجزة من معجزات القرآن الكريم ونور مفاض منه في هذا الزمان، قد حافظت على الايمان التقليدي لدى عوام المؤمنين من صولة تلك الضلالة العلمية المخيفة الناشئة من الفلسفة المادية، واصبحت نقطة استناد لأهل الايمان كافة، وفي حكم قلعة حصينة لا تقهر للمؤمنين كافة القاصي منهم والداني على السواء، بحيث انها تحفظ أيضاً -في خضم هذه الضلالات الرهيبة التي لا نظير لها- ايمان عوام المؤمنين من ان تردهم شبهات على ايمانهم وتطفئ الشبهات الواردة على اسلاميتهم.
نعم، ان اي مؤمن كان في اية بقعة من أرجاء العالم، حتى في الهند والصين، ما ان تساوره شبهة من جراء ظهور الضلالة الرهيبة في هذا العصر العجيب حتى يتساءل:
تُرى هل في الاسلام شيء من باطل حتى آل أمره الى هذا؟ اذا به يسمع ويدرك انه قد ظهرت رسالة تثبت اثباتاً قاطعاً جميع حقائق الايمان، وتقهر الفسلفة، وتخرس الزندقة، واذا بتلك الشبهة تزول نهائياً فينقذ ايمانه ويقوى.
[لِمَ هذا الحشد من البراهين؟]