ولأجل هذا السر الدقيق فقد اخذت الحقيقة السابقة من اساتذة سعيد الجديد وهم الامام الرباني، الشيخ الكيلاني، الامام الغزالي والامام زين العابدين رضي الله عنهم - حيث تلقيت مناجاة "الجوشن الكبير" من هذين الامامين خاصة - وسيدنا الحسين والامام علي رضي الله عنهم جميعاً. فالدرس الذي تلقيته منهم لدى ارتباطي بهم ارتباطاً معنوياً دائماً - بواسطة الجوشن الكبير - هو تلك الحقيقة، لذا فالمشرب الحالي الوارد من رسائل النور اذن هو مشربهم الذي ارتشفته من منهلهم. لذا لاينسجم ومشربنا النظر الى غدر الظالمين، ولا حتى التفكر فيه، حيث قد نال الظالمون عقابهم، والمظلومون ثوابهم بما هو فوق طوق عقولنا، فالانشغال بمثل تلك المسائل يلحق الضرر بالوظيفة القرآنية التي كلّفنا بها، ولاسيما والمصائب تنزل تترى على الدين في الوقت الحاضر.
ان علماء علم الكلام وائمة اصول الدين والمحققين الافذاذ من علماء اهل السنة والجماعة، بعد اجراء تحقيقات وتدقيقات كثيرة حول العقائد الاسلامية واقامة المحاكمات العقلية والموازنات في ضوء الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة، ارتضوا بدساتير في اصول الدين، تلك الدساتير تأمر بالحفاظ على مشرب رسائل النور الحالي، وتمدّها بالقوة. ومن هنا لا يستطيع اي احد حتى لو كان من اهل البدع وفي اي مكان كان الاعتراض على مشربنا، ولما كانت حقيقة الاخلاص محفوظة فيه حفظاً تاماً يستطيع اي نوع من انواع اهل الاسلام الدخول في دائرة رسائل النور، فالمتعصب في تشيعه، والمغالي في وهابيته، وأشد الفلاسفة مادية وعمقاً في العلم، واكثر العلماء انانية وتزمتاً، قد بدأوا بالدخول معاً في دائرة النور ويعيش قسم منهم الآن اخوة متحابين في تلك الدائرة، حتى ان هناك امارات بدخول مبشرين نصارى من الروحانيين الحقيقيين في تلك الدائرة، لما يشعرون بضرورة الترابط والمصالحة، طارحين مواد المناقشة والمنازعة جانباً.
بمعنى ان رسائل النور التي أخبر عنها الامام علي رضي الله عنه باشارات تبلغ حوالي الاربعين وبدرجة الصراحة احياناً، هي ضماد لجروح هذا الزمان. ولهذا كفتنا تلك الدائرة فلا نخرج منها.
ان التعرض لشخص سيدنا علي كرم الله وجهه، ونقد حياته وسياسته الجارية على العدالة المحضة شئ، والتعرض لشخصيته المعنوية ونقد كمالاته العلمية ومقام ولايته ووراثته للنبوة، التي تفوق الوف المرات شخصيته الظاهرية