فلو سعيتم انتم الذين تتولون مقام سكرتارية اهل الحمية والقومية، للحفاظ على الاسس التي تسحق المقدسات الدينية وتعمم المدنية الغربية، ونسبتم الحسنات الحاضرة وحسنات الانقلاب الى اجراءات قلة من الاشخاص الذين قاموا باسم الانقلاب واحلتم النقائص المريعة والسيئات الجسيمة الى الامة، فعندئدٍ تعممون اذن ما ارتكبه اشخاص قلة من سيئات الى ملايين من السيئات. فتخالفون اذن آمال هذه الامة المتدينة البطلة وتجافون جيش الاسلام، وتعارضون اذن الامة جميعاً وتديرون ظهركم الى ملايين الابطال الميامين الذين نالوا شرف الشهادة، فتعذبون أرواحهم الطيبة وتحطون من شأنهم و تهونون من شرفهم.
وكذا لو نُسبتْ تلك الحسنات التي أحرزتْ بهمة الامة وقوة الجيش الى اولئك القلة القليلة من الانقلابيين، تنحصر ملايين الحسنات في بضع حسنات فقط فتتضاءل وتزول، فلا تكون كفّارة لأخطاء فاحشة.
ثالثاً: لا شك ان لكم معارضين في جهات كثيرة داخلية وخارجية، وحيث اني لا انـظر ولا اهتم باحوال الدنيا والسياسة، فلا اعرف تلك الامور. ولكن لأنهم ضايقوني كثيراً في هذه السنة فاضطررت الى النظر الى سبب هذه المضايقة فعلمت ان معارضةً قد ظهرت. فلو وجدتْ هذه المعارضة زعيماً كفوءاً لها وانطلقت الى الميدان باسم الحقائق الايمانية لغلبتكم وانتصرت عليكم في الحال، ذلك لان تسعين بالمئة من هذه الامة مرتبطة روحاً وقلباً بالاعراف الاسلامية منذ الف سنة، وحتى لوانقادت ظاهراً الى ما يخالف فطرتها فانها لا ترتبط به قلباً.
ثم ان المسلم يختلف عن افراد الامم الاخرى، اذ لو تخلّى عن دينه فلا يكون الاّ ارهابياً فوضوياً لا يقيده شئ اياً كان، بل لا يمكن ادارته بأيٍ من وسائل التربية والادارة الاّ بالاستبداد المطلق والرشوة العامة. وهناك حجج كثيرة تثبت هذه الحقيقة وأمثلة كثيرة عليها اختصرها محيلاً الامر الى فطنتكم.
لا ينبغي لكم ان تتخلّفوا عن الدول الاسكندنافية التي شعرت بحاجتها الشديدة الى القرآن الكريم في هذا العصر، بل عليكم ان تكونوا قدوة لها ولأمثالها من الدول. فلو اسندتم ذنوب الانقلاب التي حصلت الى الآن الى بضعة اشخاص، وسعيتم لتعمير الدمار - ولاسيما بحق الاعراف الدينية - الذي نجم عن ظروف الحرب العالمية وانقلابات اخرى، لقلّدكم سعيكم هذا شرفاً عظيماً في المستقبل ولأصبح كفارة لذنوبكم العظيمة وتكونون اهلاً لصفة اهل الحمية والغيرة على الامة، لما تقدمون من خدمة للامة والوطن.