وحياته الدنيوية وسياسته الاجتماعية شئ آخر، وأنّى لأحد الدنو من التعرض لها أو نقدها. بل لم يرد ذلك قطعاً ولن يرد.
ومن هنا يبدو رهيباً جداً تعرض الذين يحاولون الجمع بين الجهتين معاً، حيث يورث الحيرة والدهشة في صفوف اهل الايمان من انه: هل يمكن ان تحدث فتنة كهذه بين اهل الايمان؟ علماً انه عدا اشخاص تافهين خبيثين كيزيد والوليد، فان القسم الاعظم ممن تعرضوا للامام علي رضي الله عنه تعرضوا لادارته الخاصة ولحياته الانسانية الاجتماعية، فأخطأوا، وليس لكمالاته وكراماته ووراثته للنبوة.
ان من الضروري ترك العداء الصغير الطفيف الداخلي لدى هجوم الاعداء الضخام الخارجيين. اذ بخلاف ذلك سيكون الامر في حكم العون للعدو الكبير الخارجي.
ولهذا فعلى المنحازين من المسلمين الى جهة من الجهات ضمن دائرة الاسلام، ان يتناسوا تلك العداوات الداخلية موقتاً، كما تقتضيه مصلحة الاسلام.
[رسالة الى سكرتير حزب الشعب الجمهوري]
حضرة السيد حلمي اوران!
وزير الداخلية السابق وسكرتير الحزب "الشعب الجمهوري"(1) حالياً:
اولاً: في غضون عشرين سنة كتبت اليكم عريضة واحدة فقط - يوم كنت وزيراً للداخلية - الاّ انني لم اقدمها اليكم لئلا اخلّ بقاعدتي التى اسير وفقها. فان شئت فسأقرأها اليكم واتكلم معكم بصفتكم وزيراً سابقاً للداخلية وسكرتيراً عاماً للحزب. فاسمحوا لى الكلام لساعة او ساعتين، اذ الذي لم يتكلم مع الحكومة منذ عشرين عاماً لو تكلم عشر ساعات مع ركن من اركان الحكومة وباسمها ولمرة واحدة، فهو قليل.
ثانياً: أجدني مضطراً الى بيان حقيقة لكم لكونكم سكرتير الحزب حالياً، والحقيقة هي:
----------------------------------------------------------------------------
(1) حزب الشعب الجمهوري: اسسه مصطفى كمال سنة 1923 وظل يحكم البلاد بالقوة كحزب واحد دون معارض، وترأسه عصمت اينونو حتى سنة 1950 حيث لم يحز في الانتخابات سوى 69 نائباً من بين 487 نائباً. من المبادئ الاساس لهذا الحزب العلمانية بمعناها العداء للدين، والدعوة الى القومية التركية، أسس المعاهد القروية ومدارس الريف في ارجاء البلاد لتخريج المعلمين لتعليم الالحاد.- المترجم.