شئ من حكمة ذلك الأمر، في أواخر أيامي بعد قضاء ما يقرب من ثمانين سنة من العمر...
فمثلاً: إن هذا المسكين سعيد، برغم حاجته الشديدة إلى الكتابة وجودة الخط، وانشغاله بها منذ سبعين سنة، واضطراره إلى تصحيح مئتي صفحة في اليوم الواحد أحيانا، لا يملك من الخط ما يتعلمه طفل ذكي في العاشر من العمر في عشرة ايام. هذا الأمر محيّـر حقاً، إذ لم يكن سعيد محروماً من القابليات كلياً، فضلا عن أن أشقاءه يجيدون الخط وحسن الكتابة.
فأنا مقتنع تمام الإقتناع بأن حكمة بقائي نصف اُمّي برداءة الخط وأنا في اشد الحاجة إليه هي:
انه سيأتي زمان لا يمكن للقدرات والقوى الشخصية والجزئية أن تقاوم وتصدّ هجوم أعداء رهيبين، فيبحث سعيد بحثا حثيثا عن الذين يملكون خطاً جيداً ليشركهم في خدمته فيشكلون معاً آلاف الأقلام التي تحوّل تلك الخدمة الشخصية الجزئية إلى خدمة كلية عامة قوية، إذ يجتمعون حول تلك البذرة، بذرة النور، إجتماع الماء والهواء والنور، ويمدّون تلك الشجرة المعنوية بالعون. ففضلا عن هذه الحكمة، فإن إذابة أنانيته في حوض الجماعة المبارك كإذابة قالب الثلج نيلاً للإخلاص الحقيقي، حكمةٌ أخرى تدفع لخدمة الإيمان.(1)
إنني ضمرت ضمور البذرة النابتة، واعتقد أن الأهمية والقيمة والحيوية والشرف والمنـزلة كلها قد سارت إلى رسائل النور التي نـمت من تلك البذرة، ولأجل ذلك اُظهر قيمة رسائل النور وأهميتها إظهاراً لإعجاز القرآن.(2)
(1) الملاحق - أميرداغ 2 / 360 - 365
(2) الرمز الثامن - الشعاع الثامن