السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 86
(86-123)

الفصل الثالث
بداية الانعطاف التاريخي
1908م (1326هـ)
إعلان المشروطية وماهيتها:(1)
المشروطية: مجلّى وتفسير لآيتي ﴿وشاورهم في الأمر﴾(آل عمران:159).. ﴿وأمرُهم شورى بينهم ﴾(الشورى:38) فهي المشورة الشرعية.. فقوة ذلك الوجود المنور هي الحق.. وحياته هي العدالة.. وقلبه هي المعرفة.. ولسانه هي المحبة.. وعقله هو القانون لا الشخص.. ان روح المشروطية أن تكون القوة في القانون، والأمر والنهي في يد الحق، والمرء خادماً..(2) إذ المشروطية هي حاكمية الأمة، والحكومة ليست الاّ خادمة. ولئن صدقت المشروطية فالقائمقام والوالي ليسا رؤساء بل خدّام مأجورون.(3)
(مشروطية) و(حرية) شرعيتان أو(إستبداد جديد):
إن أصحاب الأفكار الفاسدة، يريدون الإستبداد والمظالم تحت ستار الحرية، فلأجل ألاّ نشاهد مرة أخرى تلك الإستبدادات التي دفنت في حفر الماضي ولا تلك المظالم التي جرت في سيل الزمان، أريد أن أقيم سداً حديداً بين الماضي والحاضر وذلك بإيضاح تاريخ حياة الحرية. وهو كالآتي:
ان هذا الانقلاب لو أعطى الحرية التي أولدها إلى أحضان الشورى الشرعية لتربيها فستُبعث أمجاد الماضي لهذه الأمة قوية حاكمة. بينما لو صادفت تلك الحرية الأغراض الشخصية، فستنقلب إلى إستبداد مطلق. فتموت تلك المولودة في مهدها.(1)
---------------------

(1) المشروطية: هي إعلان النظام البرلماني في الدولة العثمانية، وبموجبه أصبحت الوزارة مسؤولة أمام البرلمان وليس أمام السلطان، كما ان صلاحية تشريع القوانين أصبحت من اختصاص البرلمان. وقد أعلن السلطان عبد الحميد المشروطية مرتين، مرة عند بداية حكمه وهي المشروطية الأولى في 19 مارت 1877 ونظراً لاستغلال نواب الأقليات غير المسلمة لهذا المجلس ودفع الدولة العثمانية إلى حرب مهلكة مع روسيا في العام نفسه وارتباط هؤلاء النواب بالجمعيات السرية المسلحة وبالدول الأجنبية فقد حل السلطان هذا المجلس دون ان يلغيه، وفي 23تموز سنة 1908 أعاد المشروطية والدستور مرة أخرى فيما سمي بـ"المشروطية الثانية".
(2) الصيقل الإسلامي - النص العربي/ 142 ط. آنقرة
(3) صيقل الإسلام - المناظرات / 404
(1) صيقل الإسلام - المحكمة العسكرية / 468

لايوجد صوت