السيرة الذاتية | الفصل الثاني | 503
(503-518)


الفصل الثاني
مدرسة الزهراء
الأسباب الموجبة لتأسيس مدرسة الزهراء:
1- تدني العلوم في المدارس الدينية
إن ترك المستعد لما هو أهل للقيام به، وتشبثه بما ليس اهلاً له، عصيان كبير وخرق فاضح لطاعة الشريعة الكونية (شريعة الخلقة). إذ من شأن هذه الشريعة: انتشار استعداد الإنسان ونفوذ قابليته في الصنعة واحترام مقاييس الصنعة ومحبتها وامتثال نواميسها والتمثل بها. وخلاصة الكلام: إن شأن هذه الشريعة؛ الفناء في الصنعة.
وإذ وظيفة الخلقة هذه، فان الإنسان بمخالفته هذه الشريعة؛ يغير الصورة اللائقة بالصنعة ويخل بنواميسها. ويشوّه صورة الصنعة غير الطبيعية -التي تشبث للقيام بها- بميله الكامن للصنعة الأخرى لعدم الامتزاج بين الميل والصنعة، فيختلط الحابل بالنابل.
وبناءً على هذا: فان كثيراً جداً من الناس يمضي بميل السيادة والأمرية والتفوق على الآخرين، فيجعل العلم المشوّق المرشد الناصح اللطيف، وسيلة قسر وإكراه لإستبداده وتفوقه، فبدلاً من أن يخدم العلم يستخدمه. وعلى هذا فقد دخلت الوظائف بيد من ليسوا لها أهلاً، ولاسيما الوظائف في المدارس الدينية، فآلت إلى الاندراس نتيجة هذا الأمر.
والعلاج الوحيد لهذا: تنظيم المدرسين الذين هم في حكم العاملين في دائرة واحدة، في دوائر كثيرة كما هو الحال في الجامعة، كلٌ في مجال اختصاصه، ليذهب كل واحدٍ بسوق إنسانيته، وبتوجهه نحو حقه، ينفّذ قاعدة تقسيم الأعمال بميله الفطري امتثالاً للأمر المعنوي للحكمة الأزلية
إن السبب المهم الذي ادّى إلى تدني علوم المدارس الدينية

لايوجد صوت