السيرة الذاتية | الفصل السادسا | 327
(305-328)

في وقت واحد، وعلى نمط واحد، ليثبت بالبداهة ان الذي يقوم بهذا الفعل ان هو الاّ خالق جميع الكائنات، وان هذا الفعل الذي اقتضى تلك القدرة المطلقة والحكمة البالغة، ليس الاّ من فعل ذلك الخالق الجليل.
نعم ان القوى العمياء والطبيعة الصماء والأسباب التائهة المشتتة، لا يمكن لها ان تمد أيديها وتتدخل في ذلك الميزان الرقيق الحساس، بالمهارة البالغة، والانتظام الحكيم لتلك الصنعة، بل هي تستخدم وتسخّر بأمر رباني في الأفعال الربانية، فهي ذات مفعولية وقبول، بل ليست الاّ ستائر وحجباً مسخرة بيده سبحانه.
وهكذا فكما تشير هذه الآيات الثلاث إلى حقائق ثلاث، وتدل كل منها على التوحيد بثلاث نكات، فهناك ما لايُحد من الأفعال الربانية وما لا يحد من تجليات التصرفات الربانية، تدل متفقة على الواحد الأحد وتشهد شهادة صادقة على ذات الواحد الأحد ذي الجلال والإكرام.(1)
فقرة من رسالة المناجاة
يَا رَبَّ العالمين! يَا إله الأولين والآخِرين! يَا رَبَّ السَّمواتِ والأرضين!
لقد علمتُ بتعليم الرّسُولِ الأكرمy وبدرس القُرآن الحكيم وآمنت:
...بأن الرَّسُول الأكرمy -في المُقدمة- مستنداً إلى مئات من معجزاته الباهرة، والقرآن الكريم مستنداً إلى آياته الجازمة، ثم جميع الأنبياء عليهم السلام وهم ذوو الأرواح النيرة، وجميع الأولياء وهم أقطاب ذوي القلوب النورانية، وجميع الأصفياء وهم أرباب العقول المُنورة.. يبشرون الجن والأنس بالسعادة الأبدية وينذرون الضالين بجهنم -وهم يؤمنون بهذا ويشهدون عليه- إستناداً إلى ما ذكرته مراراً وتكراراً من الوعد والوعيد في جميع الكتب السماوية والصحف المُقدسة، وإعتماداً على صفاتك وشؤونك القُدسية كالقدرة والرحمة والعناية والحكمة والجلال والجمال، ووثوقاً بعزة جلالك وسلطان ربوبيتك، ويبشرون بكشفياتهم ومشاهداتهم وبعقيدتهم الراسخة بعلم اليقين.
يَا قَادرُ يَا حَكيمُ! يَا رَحمَنُ يَا رَحيمُ! يَا صَادِقَ الوَعدِ الكريم! يَا قَهَّارُ يَاذا الجَلالِ ويَاذا العِزَّةِ وَالعَظمَةِ والجَلالِ!..

------------------------

(1) الشعاعات/199-201

لايوجد صوت