سبباً للفتوحات في السجن وفي خارجه فحوّل ضررنا في تلك المصيبة إلى منافع وبدّل ضجرنا وحزننا إلى أفراح، مبدياً مرة أخرى سراً من أسرار الآية الكريمة: ﴿وعَسى أنْ تَكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكُم﴾ (البقرة: 216).
ثم وُزّع ضدنا بيان شديد اللهجة بناء على التقرير السطحي الخاطئ المقدَّم من قبل (الخبراء الأوليين). وشنّ وزير التربية هجوماً عنيفاً علينا، مما حدا بالبعض أن يطالب بإعدامنا بل قد سعوا في الأمر.
وفي هذا الوقت العصيب بالذات جاءتنا العناية الربانية فأسعفتنا ايضاً، إذ بينا ننتظر انتقادات لاذعة عنيفة من (خبراء آنقرة) إذا بتقاريرهم المتضمنة للإعجاب والتقدير برسائل النور، واذا بهم لم يجدوا من مجموع خمسة صناديق من رسائل النور الاّ بضعة أخطاء لا تتجاوز العشرة. وقد وضّحنا أمام المحكمة واثبتنا كذلك ان هذه الأخطاء التي أوردوها ليست أخطاءً، بل هي الحقيقة بعينها، وان الخبراء هم أنفسهم على خطأ فيما يدّعون، وبيّنا أن في تقريرهم المتكون من خمس أوراق حوالي عشرة أخطاء.(1)
ولقد قلت لهم: ان هؤلاء الخبراء -الذين لا خبرة لهم على الإطلاق- غير مؤهلين لتدقيق رسائل النور(2)، لذا فإنني أطالب بتأليف لجنة عليا في آنقرة تتألف من أهل العلم. واذا لزم الأمر فليُستقدم متخصصون، وعلماء من أوروبا لتدقيق هذه الرسائل، فإذا وجدوا فيها أي عنصر يستوجب العقاب، فإنني أرضى بذلك العقاب.
وفعلاً ألفت الحكومة لجنة أخرى من علماء وخبراء قاموا بدراسة وتدقيق جميع رسائل النور، وكانت النتيجة انهم لم يعثروا فيها على أي شيء يكون موجباً للتُهمة.(3)
وبينما كنا ننتظر التهديد والأوامر المشددّة من الدوائر الرسمية السبع
------------------------
(1) اللمعات/404-405
(2) يذكر استاذ الفلسفة بجامعة استانبول نور الدين طوبجو: احالت محكمة الجزاء الكبرى لدنيزلي رسائل الأستاذ النورسي الى لجنة خبراء مشكلة من مدرسين للثانوية احدهما: مدرس الادب التركي والآخر: مدرس التاريخ وكانا ملحدين لا دين لهما اطلاقاً.. Nurs yolu, N. Şahiner /123.
(3) T.H.Denizli Hayatı