السيرة الذاتية | الفصل التاسع | 386
(385-440)

ذلك احالوني إلى الموقف لمدة يومين بحجج رخيصة تافهة جداً، ووضعوني في قاعة واسعة جداً وحيداً في تلك الأيام الشديدة البرد كالزمهرير، علماً أنني ما كنت أتحمل البرد في بيتي الاّ على مضض وكنت أقاومه بشدة بإشعال الموقد دائماً وبإشعال المدفأة عدة مرات يومياً، وذلك لما أعانيه من ضعف ومرض.(1)
((وتبدأ الاسطوانة نفسها من جديد، ويشاع في البلد ان النورسي يشكل جمعية سرية، ويحرض الناس على الحكومة محاولاً هدم نظام الدولة، ويطلق على مصطفى كمال انه دجال المسلمين.. وامثالها من الإشاعات والتهم، فيساق الأستاذ مع خمسة عشر طالباً للنور معه إلى محكمة الجزاء الكبرى لأفيون، كما جمع من الولايات عدد من طلاب النور فيكون مجموعهم ثمانية وأربعون طالباً مع الأستاذ ويودعون جميعاً إلى التوقيف في 23/1/1948.
وبعد إجراء التحقيقات الرسمية المشددة،لم يعثروا على مادة تدينهم قط.. ولكن المحكمة حكمت بقناعة الحاكم الوجدانية -أي دون الاعتماد على دليل- على الأستاذ النورسي عشرين شهراً وعلى عالم فاضل ثمانية أشهر لكل منهم، وعلى اثنين وعشرين طالبا ستة اشهر، واُفرج عن الباقين.(2)
اعترض الأستاذ وطلابه على هذه المعاملات الاعتباطية إلى محكمة التمييز، فأجابت بالآتي:
(لما كان بديع الزمان سعيد النورسي قد اصبح بريئاً من التهمة بقرار محكمة دنيزلي، فلا تؤخذ الدعوى المصدّقة من قبل التمييز مرة ثانية بالمحكمة، حتى لو كان قرار محكمة دنيزلي خطأً).
وعلى هذا بدأت المحكمة من جديد واستجوبت المتهمين الأبرياء . وطالب طلاب النور المحكمة بتنفيذ قرار محكمة التمييز، الاّ انها تماطلت.. وفي النهاية قررت تنفيذ قرار التمييز الاّ ان المحكمة ادّعت انها تكمّل بعض الأمور الرسمية الناقصة. بيد أن هذه الأمور الناقصة لم تنته إلى ان قضى الأستاذ وطلاب النور الأحكام الصادرة بحقهم رغم براءتهم.
-------------------------

(1) اللمعات/394-395
(2) في 6/ 12/ 1948

لايوجد صوت