السيرة الذاتية | الفصل الثالث | 520
(519-522)

والتفكر في خلق الله. استمر هذا الوضع حتى سنة 1947. وكان شديد الاهتمام بامور الاستنساخ اليدوي او بالرونيو عندما حصل عليها طلابه. ويقول: (ان رسائل النور معجزة قرآنية تنور هذا العصر والذي يليه من العصور). ويعدّ خدمة النور اجلّ الوظائف في هذا الزمان حتى اصبح العمل للنور لديه غذاءه الروحي؛ إذ كان يصرف ساعات طوالاً في التصحيح، ولا يعرف التعب اليه سبيلاً. ولم ينقطع عن العمل حتى في اوقات مرضه الشديد.
وحرم من المؤانسة والسلوى بالناس، ولكنه ظفر ضمن هذا الحرمان بما لا ينضب معينه من ثروة عظيمة، إذ احسن الله سبحانه اليه برحمته (رسائل النور) فهي كل ما يملكه. ففرحه وسروره ونشوته ونبع سلواه كلها في رسائل النور. واليها يصرف كل ما وهبه الله من قابليات وملكات، فكان يعدّ وظيفته الفطرية وسر خلقته تعليم الناس رسائل النور ونشرها.
ولاشك انه في أثناء تجواله يصادف اصنافاً شتى من الناس فكان يتلاطف ويتبادل الحديث معهم.
ومن الثابت بمشاهدات الذين خبروه عن قرب واطلعوا على حياته انه بلغ الذروة في العفة والاستقامة حتى في شبابه وصباه.. فكان كثير الدعاء للاطفال الأبرياء والنساء، بطلات الشفقة والحنان. فكان يذكّرهن بأنهن مسؤولات امام الله عن تربية اولادهن على الإسلام ويكون لهن حظ من حسناتهم. ويرجو منهن الدعاء ويقبلهن اخوات له في الآخرة. ويوجز الكلام معهن. والنساء بصفاء قلوبهن يدركن مدى كونه نموذجاً سامقاً من أهل الحق والحقيقة.
اما محاوراته مع الاطفال الأبرياء فتنطوي على عبر دقيقة ولذة عميقة. فكان يولى لهم اهمية كأهميته للكبار ويتوجه اليهم قلباً حيث كانوا يهرعون اليه من القرى المجاورة. ويقول لهم: اولادي انتم ابرياء لاذنب لكم بعدُ. ارجو منكم الدعاء لي فاني مريض جداً فدعواتكم مقبولة ان شاء الله. وانا بدوري اشرككم في دعائي واعدّكم اولاداً معنويين لي وطلاباً للنور.. ويعزو سبب اهتمامه لهم بان هؤلاء طلاب النور في المستقبل، اما توجههم اليّ واهتمامهم بي، فهو ان ارواحهم الصافية

لايوجد صوت