ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 301
(270-373)

اذ تبين ان السموات والارض تمتثلان الامر الإلهي كالجنود المرابطين والراقدين في معسكرين. فكما انهم يهرعون الى أخذ مواقعهم وتسلم اسلحتهم بدعوة من القائد وبنفخة من بوق، كذلك السموات والارض كمعسكرين حالما يُنادى بالاموات الراقدين فيهما بصور اسرافيل عليه السلام، اذا بهم يخرجون من الاجداث سراعاً لابسين ثياب الجسد. بل نرى هذه العظمة والطاعة في كل ربيع اذ يُحشَر ما في معسكر الارض من جنود وينشَرون بنفخة من بوق مَلَك الرعد.. فبناء على التحقيقات السابقة، لابد ان تلك الرحمة والحكمة والعناية والعدالة والسلطنة السرمدية ستحقق ابعادها وغاياتها في دار اخرى، اي انها تقتضي الحشر بالضرورة، كما اثبتتها الكلمة العاشرة؛ اذ لاشك في مجئ الآخرة، بل ان عدم مجيئها محال في الف محال، حيث ان عدمها يعني: تبدل (الرحمة) التي هي في منتهى الجمال قسوة في منتهى البشاعة، ويعني: تحول كمال (الحكمة) الى نقص العبث القاصر وغاية الاسراف، ويعني: انقلاب (العناية) التي هي في منتهى الحسن واللطف الى اهانة في منتهى القبح والمرارة ويعني: تغير (العدالة) التي هي في منتهى الانصاف والحق الى ظلمات في اشد القسوة والبطلان، زد على ذلك فان عدم مجئ الآخرة يعني ايضاً سقوط هيبة السلطنة السرمدية العزيزة وبوار أبهتها وقوتها، ويعني اتهام كمال الربوبية بالعجز والقصور.. فكل هذا باطل ومحال لايقبله عقل أي انسان مهما كان، وهو الممتنع والخارج عن دائرة الامكان؛ لأن كل ذي شعور يعلم ان الله سبحانه قد خلق هذا الانسان في احسن تقويم، ورباه احسن تربية، وزوّده من الاجهزة والاعضاء - كالعقل والقلب - ما يتطلع به الى السعادة الابدية ويسوقه نحوها، ويدرك كذلك مدى الظلم والقسوة اذا ما انتهى مصير هذا الانسان المكرم الى العدم الابدي ! ويفهم كذلك مدى البُعد عن الحكمة في عدم البعث الذي يجعل جميع الاجهزة والقوى الفطرية - التي لها آلاف المصالح والفوائد - دون جدوى ودون قيمة ! في الوقت الذي اودع سبحانه مئات من الحِكَم والفوائد في دماغه فحسب !.. ويفهم

لايوجد صوت