ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 304
(270-373)

دماغه، فتسجلها في سائر المرايا والمعاكس المادية والمعنوية. وما ان يحل الربيع - تلك الزهرة المجسمة للقدرة الإلهية - حتى تبرز لنا الحفيظية تلك الكتابات المعنوية ظاهرةً مشهودة مجسمة. وتعرض في تلك الزهرة العظمى حقيقة الحشر التي تتضمنها الآية الكريمة ﴿واذا الصُحُفُ نُشرت﴾(التكوير: 10) وتعلنها بألسنة ملايين الملايين من الامثلة والدلائل، وتؤكد لنا يقيناً ان الاشياء جميعها - ولاسيما الاحياء - لم تُخلق لتنتهي الى الفناء، ولالتهوي الى العدم ولا لتمحى الى غير شئ - ولاسيما الانسان - بل خلقوا للمضي بسموهم الى البقاء، وللدخول بتزكية انفسهم الى عالم الحياة الخالدة، وللولوج بالاستعداد الفطري الى وظيفة سرمدية تنتظرهم في دار الخلود.
نعم ! ان كل شجر وجذر وكل حبّة ونواة من النباتات غير المحدودة التي ماتت في قيامة الخريف، ما ان يحين حشر الربيع الا ويتلو الآية الكريمة ﴿واذا الصُحُفُ نُشرت﴾ بلسانها الخاص ويفسر معنىً من معانيها، وذلك بقيام كل جزء من اجزائه بمثل الوظائف الفطرية التي قام بها في السنين السابقة، ويبيّن - في الوقت نفسه - عظمة الحفيظية في اوسع مداها كما تتضمنها الآية الكريمة ﴿هُوَ الأولُ والآخرُ والظاهِرُ والبَاطِنُ﴾ (الحديد: 3) وترشدنا الى اربع حقائق جليلة في كل شئ وتقيم الحجة الدامغة على حتمية الحشر كحتمية مجئ الربيع ويسره.
نعم ! ان انوار هذه الاسماء الحسنى الاربعة وتجلياتها تسري وتنفذ من اصغر جزئي الى اكبر كليّ.. ولنوضح هذا بمثال:
فالبذرة التي هي اصل الشجرة تبين عظمة الحفيظية بتعرضها لأنوار اسم الله (الاول) وذلك؛ بما تحوي من خطة الشجرة دقيقة كاملة، وبما تضم من اجهزة بديعة لايجادها ونشوئها كاملة غير منقوصة، وبما تشتمل عليه من شرائط تكوين الشجرة، رغم انها علبة

لايوجد صوت