ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 303
(270-373)

ويعني: تغير (العدالة) التي هي في منتهى الانصاف والحق الى ظلمات في اشد القسوة والبطلان، زد على ذلك فان عدم مجئ الآخرة يعني ايضاً سقوط هيبة السلطنة السرمدية العزيزة وبوار أبهتها وقوتها، ويعني اتهام كمال الربوبية بالعجز والقصور.. فكل هذا باطل ومحال لايقبله عقل أي انسان مهما كان، وهو الممتنع والخارج عن دائرة الامكان؛ لأن كل ذي شعور يعلم ان الله سبحانه قد خلق هذا الانسان في احسن تقويم، ورباه احسن تربية، وزوّده من الاجهزة والاعضاء - كالعقل والقلب - ما يتطلع به الى السعادة الابدية ويسوقه نحوها، ويدرك كذلك مدى الظلم والقسوة اذا ما انتهى مصير هذا الانسان المكرم الى العدم الابدي ! ويفهم كذلك مدى البُعد عن الحكمة في عدم البعث الذي يجعل جميع الاجهزة والقوى الفطرية - التي لها آلاف المصالح والفوائد - دون جدوى ودون قيمة ! في الوقت الذي اودع سبحانه مئات من الحِكَم والفوائد في دماغه فحسب !.. ويفهم كذلك مدى العجز الظاهر والجهل التام المنافيين كليا لعظمة تلك السلطنة وكمال الربوبية في عدم الايفاء بآلاف الوعود والعهود ؟ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً. قس على هذا كلا من (العناية) و (العدالة).
وهكذا يجيبنا اسم الله (الرحمن) و(الحكيم) و(العدل) و(الكريم) و(الحاكم) من الاسماء الحسنى بتلك الحقيقة المذكورة عن سؤالنا الذي سألناه حول الآخرة ويثبتها لنا اثباتا لاشبهة فيه بل واضحاً جلياً كوضوح الشمس وجلائها.
ثم اننا نرى (حفيظية) مهيبة محيطة بادية للعيان، تحكم على كل شئ حي، وتهيمن على كل حادث، تحفظ صوره الكثيرة، تسجِّّل اعمال وظيفته الفطرية، تدوّن تسبيحاته التي يؤديها - بلسان الحال - تجاه الاسماء الحسنى.. تدوّنها في لوحات مثالية، في بُذيراته ونوّياته، في قواه الحافظة - وهي نماذج مصغرة للّوح المحفوظ - ولاسيما في حافظة الانسان التي هي مكتبة عظمى مصغرة جداً موضوعة في

لايوجد صوت