نعم ان هذه المصيبة شبيهة بنوع من مرض اجتماعى، وان اكثر الادوية الايمانية المذكورة في تلك الرسالة تعمل عملها في هذا المرض ايضاً، ولاسيما الآلام التي تورثها المصيبة فقد ولّت قبل هذه الساعة بينما ثبت اجرها وخيراتها وفوائدها الدنيوية والاخروية والايمانية والقرآنية، مثلما ذكرته للمريض الميمون من ارضروم.
بمعنى ان تلك المصيبة الواحدة العابرة قد انقلبت الى نعمٍ متعددة دائمة.
اما الزمان القابل فلأنه غير موجود الآن، فلا ألم حالياً لما ستدوم فيه من مصيبة. لذا فايراث الألم من العدم بالتوهم، هو عدم ثقة برحمة الله وقدره سبحانه وتعالى.
ثانياً: ان اغلب البشر على سطح الارض مبتلون بمصائب مادية ومعنوية قلباً وروحاً وفكراً. وان مصيبتنا بالنسبة اليهم خفيفة الوطء جداً ومربحة، فضلاً عن انها تورث مكاسب وفوائد مادية ومعنوية للقلب والروح والايمان والصحة والسلامة.
ثالثاً: لولم نكن ندخل الى هنا (السجن) في خضم هذه الاعاصير الهوج، لكانت وطأة هذه المصيبة الخفيفة ثقيلة جداً لدى لقاء الموظفين الذين تساور قلوبهم الشكوك والاوهام، ولكان ينزل بنا بلاء التصنع والتزلف لهم.
رابعاً: ان رؤية احباء حقيقيين رحماء - ارحم على الانسان من شقيقه - في هذا الشتاء المادي والمعنوي المضاعف، الذى تعطلت فيه الاعمال، وفي هذه المدرسة اليوسفية التي هي مدرسة واحدة من مدارس الزهراء، واللقاء باخوة الآخرة، وهم بمثابة مرشدين ناصحين، وزيارتهم والاستفادة من مزاياهم الخاصة والتزود من حسناتهم التي تسري سريان النور والنوراني في المواد الشفافة، وحصول ذلك بمنتهى الرخص وبتكاليف قليلة، فضلاً عن الاستمداد من معاونتهم المعنوية ومن مسرّاتهم وسلوانهم.. كل ذلك يجعل هذه المصيبة تبدل شكلها وتتحول الى نوع من مشهد عناية ربانية معنوية.