ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع عشر | 693
(459-713)

فقد سعوا لربط هذه الاحوال بنوع من السياسة التي لاعلاقة له بها، حتى انهم ألقوه في غياهب السجون. ولكن الله تعالى جعل هذا العشق العلمي الموجود لديه مفتاحاً للحقائق القرآنية، فظهرت رسائل النور التي اذهلت جميع العلماء والفلاسفة. في هذه الاثناء وجدت استاذي في مدينة (قسطموني) بجانبي انا الذي كنت ابحث عنه طوال حياتي بما فطرتُ عليه من حب العلم، وانا اعد هذا إحساناً الهياً سأظل اشكر الله تعالى عليه حتى آخر عمري.
ولكي يحتفظ استاذي بعزة العلم ومكانته فانه لايقبل - ولم يكن يقبل في السابق ايضاً - الصدقات والهدايا وماشابههما، ويمنع طلابه من ذلك ايضاً. ولم يحن رأسه لأحد. ومن اوضاعه غير الاعتيادية انه لم يرض في الحرب وهو في الخط الامامي من جبهة القتال الدخول الى الخندق حفاظاً على العزة العلمية، وانه وقف امام ثلاثة من القواد المرعبين(1) موقف الاستاذ المحافظ على عزته العلمية دون ان يبالي بغضبهم، بل اسكتهم. ولما كنت اعلم ان استاذي هذا حافظ على شرف هذه الامة وهذا الوطن وعلى شرف علماء الامة التركية وضحى في سبيل ذلك بكل شئ فقد قبلته استاذاً حقيقياً لي، ولو افترضنا فرضاً محالاً وقلنا ان له مائة نقيصة، لكان علينا ان ننظر نظرة التسامح اليها، وألا نعترض عليه.
ولقد قدّره الوطنيون - باسم الوطن وباسم الامة - في عهد المشروطية وكذلك الحال في العهد الجمهوري. ومثال تقديرهم لخدمات الاستاذ الجليلة للعلم هو: قيام حكومة الاتحاد والترقي بتخصيص تسعة عشر الف ليرة ذهبية لمدرسة استاذي (مدرسة الزهراء) في مدينة (وان) والتى ارادها ان تكون نظيرة (الازهر) ، ومع ان اساسها أرسي الا ان بدء الحرب العالمية الاولى ادى الى تأجيل بنائها، وقبل اربع وعشرين سنة قامت الحكومة الجمهورية -

(1) المقصود: القائد خورشيد باشا في المحكمة، ومصطفى كمال، والقائد الروسي نيقولا نيقولافيج - المترجم.

لايوجد صوت