ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع عشر | 697
(459-713)

كتاب دين حقيقي لا نفاق فيه وانها تفسير للقرآن الكريم. ان مقاييس التفضيل والترجيح مسألة تقدير وجداني وقلبي لايستطيع احد ان يتدخل فيه. أجل اننا نعتقد بان مؤلف رسائل النور يعطي درس الحقيقة نفسها، وان انكار المدعي العام لهذا وعدم قبوله لايضعف اعتقادنا هذا ولايهزه، ونحن لانتقبل رسائل النور من اجل كرامتها الكونية بل من اجل ظهور الكرامة العلمية الكاملة التي تتحدى الاوساط العلمية في دروس النور. ومع ان تحصيل مؤلفها العلمي لم يتجاوز ثلاثة أشهر. فانه يفيض علماً وينشر هذا العلم، وهو يستخدم في خوارق علمه وفي اكثر المسائل العلمية تعقيداً منطقاً عالياً حير اكبر المفكرين واذهلهم، ويستخدم اسلوباً جذاباً رائعاً ومشوقاً فياضاً بالحرارة نابضاً بالعشق وبالعواطف الجياشة وذلك بلغة تعلمها بعد منتصف عمره، حتى لتبدو كتاباته وكأنها بحر ايمان وخزينة توحيد ومحيط حكمة، فهل تستطيعون أن تدلونا على بديع زمان ثانٍ؟ انتم تستكثرون علينا ان نعد تمثال الفضيلة هذا استاذاً لنا وهو الذي لم يلتفت الى بريق جميع الظواهر الفانية ولم يسمح لنفسه التنزل الى اية منافع مهما كبرت ولا الى الامور التي تلوث الانسان مهما كانت نداءات هذه الامور قوية، ولم ينتظر او يتوسل من احد شيئاً ولم يقبل ما عرض عليه، واعطى افضل مثال للعفة وللنزاهة، وصبر على جميع انواع المكاره والمضايقات ونذر نفسه لاظهار الحقيقة واظهار الانوار القرآنية والمعارف المحمدية.
اما أمام آلام البلد والامة فقد كان قلبه الرحيم يبكي الماً وشفقة. وعلى الرغم من كل انواع الغدر والاهانة التي تعرض لها فانه لم يتخل عن ايفاء وظيفته لإسعاد من حواليه، فعلى الرغم من شيخوخته ومن بؤسه فانه بذل جهوداً مضنية وناضل بكل قوة في سبيل الله تعالى لانقاذ الناس من غيابة الجهل ومن لجة الالحاد. وفي هذا الوقت الذي ضاعت فيه المقاييس الاخلاقية فاننا نراه - بجانب كرامته العلمية المذكورة اعلاه- مثالاً للتضحية والايثار ومثالاً للاستقامة وللنزاهة وانموذجاً يحتذى للكمال ومحراباً للفضيلة. أترون هذا

لايوجد صوت