ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 10
(1-49)

ان القوانين المطردة السارية في العالم لاتسمع ما يعانيه هؤلاء البائسون الضعفاء العاجزون. وان تلك العناصر والحوادث الصماء المستولية لاتسمع أنينهم، أليس من أحد يتدخل في شؤونهم الخاصة رحمة بهم ورأفة باحوالهم التي يرثى لها؟. فكانت روحي تصرخ من الاعماق. وكذا، أليس من مالك حقيقي ومولى كريم يرعى ويتولى اولئك العبيد الرائعين في الحسن وتلك الاموال القيمة الثمينة جداً، وهؤلاء الاحباب الاودّاء المشتاقين الممتنين كثيراً؟. نعم كان قلبي يصرخ بهذا بكل ما اوتي من قوة.
اما الجواب الكافي الوافي الذي يبعث الاطمئنان والسكينة والقناعة التامة ويهدئ استغاثة روحي وصراخ قلبي فهو:
ان اولئك العبيد المحبوبين الذين يئنون تحت ضغوط القوانين العامة للرحمن الرحيم ذي الجلال، ويستغيثون تحت ضربات الحادثات وهجومها، يمنحهم سبحانه بسر التوحيد ما هو فوق تلك القوانين من احسانات خصوصية وامدادات خاصة وربوبية مخصوصة مباشرة لكل شئ، ويدبّر سبحانه امور كل شئ بذاته الجليلة. ويستمع الى شكاوى كل ذي مصيبة، وهو المالك الحقيقي لكل شئ ومولاه الحق.
فمذ عرفت هذا السر من القرآن ونور الايمان شعرت بسرور يملأ كياني كله وولّى عني ذلك اليأس القاتم.
وقد اكتسب في نظري كلُّ كائن حي - من حيث انتسابه الى المالك الجليل وعبديته له - الوف الدرجات الراقية من الاهمية والقيمة، لأن كل احد يفتخر ويزهو بشرف سيده وبمقام من ينتسب اليه ويعتزّ بشهرته وصيته، مما يولّد عزة وفخراً لديه. فلاشك ان نور الايمان الذي بسط ذلك الانتساب والعبدية هو الذي يجعل النمل يغلب فرعوناً بقوة ذلك الانتساب، بل له ان يفتخر بذلك الانتساب فخراً يفوق الف مرة فخر فرعون السادر في الغفلة الظان نفسه حراً سائباً، يفتخر بأجداده الفراعنة وبملك مصر، ذلك الفخر الذي ينكسف لدى باب

لايوجد صوت