ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 12
(1-49)

وبسر التوحيد يكتسب كل شئ من حيث انتسابه وأداؤه لوظيفة المرآة قيمة اعظم من قيمته الذاتية بالوف المرات، وينكشف السر المغلق للاسئلة المحيرة: من اين يأتي سيل الموجودات وقافلة المخلوقات، والى اين المصير، ولمَ جاء وماذا يعمل؟..
كل ذلك لايتم الاّ بسر التوحيد، اذ لولا التوحيد، لانكسفت جميع مزايا الكون وكمالاته المذكورة آنفاً ولانقلبت تلك الحقائق السامية الراقية الى أضدادها.
وهكذا فالشرك والكفر جريمة بشعة تتعدى على جميع كمالات الكائنات وتتجاوز على جميع حقوقها الرفيعة وتتعرض لجميع حقائقها السامية، لذا تغضب الكائنات على اهل الشرك والكفر، وتستشيط السموات والارض غضباً عليهم، وتتفق عناصر الكون على ابادتهم.. فتغرق قوم نوح (عليه السلام) وتهلك قوم عاد بالطاغية وثمود بالعاصفة وفرعون وامثالهم بالغرق.. بل تغضب جهنم عليهم غضباً شديداً حتى ﴿تكاد تميّز من الغيظ﴾(الملك: 8) كما نصّت عليه الآية الكريمة.
نعم؛ ان الشرك استهانة بشعة بالكون، وتعدّ عظيم عليه، وحطّ من قيمته وتهوين من شأنه، لإنكاره حكمة الخلق وردّه وظائف المخلوقات، تلك الوظائف الجليلة.
نشير الى هذه الحقيقة بمثالٍ واحد من بين الوف امثلتها:
ان الكون بسر التوحيد، هو بمثابة مَلَك مجسم عظيم جداً بحيث له مئات الالوف من الرؤوس،بل بعدد انواع الموجودات، في كل رأس مئات الالوف من الافواه ، بل بعدد افراد ذلك النوع، وفي كل فم مئات الالوف من الألسنة بل بعدد اجهزة ذلك الفرد وعدد اجزائه واعضائه وحجيراته. فهذا الكون الهائل والمخلوق العجيب، هذا المَلك العظيم يقدّس الصانع الجليل بهذه الألسنة التي لاتعد ولاتحصى ويسبّحه بها جل وعلا. فهو اذاً في مقام رفيع يتسربل عبودية عظيمة شبيهة

لايوجد صوت