ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 9
(1-49)

في الانسان نماذج اسس ذلك التشخص، تشخص الاحدية، وهي العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر وامثالها من المعاني، فتشير تلك النماذج الى تلك الاسس، اذ الذي شق البصر - مثلاً - يرى البصر ويرى كذلك مايراه البصر - وهو معنى دقيق - ثم يمنح البصر. نعم ان صاحب النظارات الذي يصنع لعينك نظارة يرى ملاءمة النظارة لعينك ثم يصنعها لك. وكذا الذي شق السمع لاشك أنه يسمع ما تسمعه الاذن ثم يخلقها ويمنحها الانسان. وهكذا قس بقية الصفات على هذه.
وكذا في الانسان نقوش الاسماء الحسنى وتجلياتها، فهو بهذه النقوش والجلوات يشهد على تلك المعاني المقدسة.
وكذا الانسان بضعفه وعجزه وفقره وجهله يؤدي وظيفة المرآة - بشكل آخر - اذ يشهد بها على صفات مَن يرحم ضعفه وفقره، ومَن يمد عجزه. اي يشهد على قدرته جل وعلا وعلى علمه وعلى ارادته، وهكذا على سائر صفاته الجليلة.
فبسر التوحيد اذن يتمركز الف اسم واسم من الاسماء الحسنى في منتهى دائرة الكثرة وفي اكثر جزئياتها تشتتاً، تتمركز في الرسائل الصغيرة المسماة بذوي الحياة، وتقرأ بسر التوحيد بوضوح وجلاء، لذا فان ذلك الصانع الحكيم يُكثر من نسخ ذوي الحياة بكثرة كاثرة، ولاسيما طوائف صغارها فانه يكثرها باشكال شتى وينشرها الى الارجاء كافة.
ان الذي ساقنى الى حقيقة هذه الثمرة الاولى واوصلني اليها هو استشعارٌ ذوقي يخصني، وهو على النحو الآتي:
لقد كنت أتألم لحال ذوي الحياة ولاسيما لذوي الشعور منها وبالاخص لحال الانسان وبخاصة المظلومين والمبتلين بالمصائب منهم، لما احمل من عطف متزايد وشفقة مفرطة، فكانت احوالهم تمس عطفي وتثير شفقتي وتوجع قلبي وتعصره.
فكنت اقول من اعماق قلبي:

لايوجد صوت