فهذه الانواع من الجمال والضروب من الحسن المشاهدة في جميع طبقات الكون وفي جميع انواع الطوائف والممتدة عروقها في كل الارجاء والتي لها اسس عريقة قوية لانقص فيها ولاقصور، وهي في منتهى السطوع والبهاء.. لاشك انها تبين ان مايقتضيه الشرك - كما هو في الوضع الاول - من قبح مشين ودمامة منفرة محال، وموهوم قطعاً. لأن جمالاً بهذا العمق في وجود الكون لايمكن ان يستتر تحته قبح مشين الى هذه الدرجة المخيفة، بل لايمكن أن يوجد اصلاً. ولو وجد فذلك الجمال اذن لاحقيقة له ولاأصل، وهو واهٍ وهمي..
بمعنى انه لاحقيقة للشرك اطلاقاً، وطريقه مسدود، بل لايجد له موضعاً الاّ في المستنقعات الآسنة، فحكمه محال وممتنع. وقد وضحت هذه الحقيقة الايمانية المذكورة وهي حقيقة شعورية في عديد من رسائل ((سراج النور)) بالتفصيل. لذا نكتفي هنا بهذه الاشارة المختصرة.
ثمرة التوحيد الثالثة
هذه الثمرة متوجهة الى ذوي الشعور، ولاسيما الى الانسان.
نعم، ان الانسان بسر التوحيد، صاحب كمال عظيم بين جميع المخلوقات، وهو أثمن ثمرات الكون، وألطف المخلوقات واكملها، واسعد ذوي الحياة ومخاطب رب العالمين واهلٌ ليكون خليله ومحبوبه. حتى ان جميع المزايا الانسانية وجميع مقاصد الانسان العليا مرتبطة بالتوحيد وتتحقق بسر التوحيد، فلولا التوحيد لأصبح الانسان اشقى المخلوقات وادنى الموجودات واضعف الحيوانات واشد ذوي المشاعر حزناً واكثرهم عذاباً وألماً. ذلك لان الانسان يحمل عجزاً غير متناه، وله اعداء لانهاية لهم، وينطوي على فقر دائم لاحدود له وحاجات لاحدود لها. ومع هذا فان ماهيته مجهزة بآلات