ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 18
(1-49)

وأحلاها، إن لم يسعفها سر التوحيد تتحول الى ألم الحرقة وعذاب الفراق وجرح العطف، فتتحول الى مصيبة كبرى تدفع بالانسان الى درك الشقاء. نعم ان الوالدة الغافلة عن الله والفاقدة لوحيدها الى الابد تستشعر هذه الحرقة شعوراً كاملاً.
ومثلاً: المحبة التي هي ألذ شعور في الانسان وأطيبه وأسماه، اذا ما أعانها سر التوحيد يجعل الانسان الصغير واسعاً سعة الكون وعظيماً وكبيراً كبره حتى يجعله سلطاناً محبوباً على المخلوقات كافة. بينما المحبة نفسها اذا ماتردت الى الشرك والكفر - والعياذ بالله - فانها تنقلب الى مصيبة عظيمة بحيث تمزق قلب الانسان الضعيف كل حين وآن بفراق أحبته غير المعدودين فراقاً ابدياً حيث يمحوهم الزوال والفناء دائماً. بيد ان انواع اللهو والغفلة تحول دون استشعار الانسان بهذا الالم، اذ تبطل شعوره وحسّه مؤقتاً وظاهراً.
فاذا ما قست المئات من اجهزة الانسان ومشاعره على هذه الامثلة الثلاثة، تدرك عندئذٍ الى اي مدى يكون التوحيد محوراً للكمالات الانسانية.
نكتفي بهذه الاشارة القصيرة الى هذه الثمرة الثالثة حيث انها فصلت تفصيلاً وافياً مع دلائلها في اكثر من عشرين رسالة من مجموعة ((سراج النور)).
ان الذي اوصلني الى هذه الثمرة وساقني اليها هو الشعور الآتي:
كنت يوماً على قمة جبل، تراءى لي القبر بكل معناه، وبدا لي الموت بكل حقائقه، وظهر لي الزوال والفناء بلوحاته الحزينة المبكية، وذلك بوساطة يقظة روحية بددت ظلمة الغفلة. فاحتدّ عشق البقاء المغروز في فطرتي - كما هو في الآخرين - احتدّ غاضباً امام هذا المنظر، فشق عصا الطاعة ازاء الزوال. وفار ما فيّ من العطف على بني الجنس والرأفة على نوع البشر وطغى ازاء القبر وفناء الانبياء المكرمين واهل الفضل الموقرين من الاولياء والاصفياء، الذين اكنّ

لايوجد صوت