ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 21
(1-49)

كبير كامل، وباسمائه المطلقة وبعلمه غير المحدود وبقدرته غير المتناهية. يشهد على هذا ماهو ماثل امامنا من الافعال الحكيمة والتصاريف البصيرة للامور الجارية في هذا الكون.
نعم، يُفهم ويُعلم قطعاً بحدس قطعي، من هذه الآثار بل يشاهد: ان ذلك الصانع له حاكمية وآمرية بدرجة الربوبية العامة، وله كبرياء وعظمة بدرجة الجبروتية المطلقة، وله كمال واستغناء عن غيره بدرجة الالوهية المطلقة، وله فعالية وسلطنة لاتتناهى ولايحدها حد ولايقيدها قيد.
فالحاكمية والكبرياء والكمال والاستغناء عن الغير والاطلاق والاحاطة وعدم التناهي وعدم الحدّ، كلها تستلزم الوحدانية وتضادد الشرك.
فشهادة الحاكمية والآمرية على التوحيد والوحدانية قد اثبتت في مواضع كثيرة من رسائل النور. نورد زبدة خلاصتها على النحو الآتي:
ان شأن الحاكمية ومقتضاها الاستقلالُ والانفراد وردّ مداخلة الآخرين، حتى ان الانسان المحتاج فطرة الى معاونة الآخرين لعجزه، يردّ مداخلة غيره في شؤونه بظلٍ من تلك الحاكمية حفاظاً على استقلاله، لذا فلا يوجد سلطانان في بلاد، ولا واليان في ولاية، ولا مديران في ناحية، بل ولامختاران في قرية. واذا ماوجد سلطانان في بلاد فالامور تضطرب ويختل النظام ويحدث الهرج والمرج.
فلئن كان ظلُ حاكمية في الانسان العاجز المحتاج الى المعاونة يردّ مداخلة الآخرين ويرفض اشتراكهم رفضاً باتاً الى هذه الدرجة. فلا تقبل قطعاً حاكمية في ربوبية مطلقة للقدير المطلق المنزّه عن العجز مداخلة سواها واشتراكه، بل تردّه ردّاً قوياً، وتطرد من ديوانها من يتوهم الشرك ويعتقد به طرداً عنيفاً.
ومن هذه الحقيقة ينبثق الزجر العنيف الذي يزجر القرآن الكريم

لايوجد صوت